د.
إدريس العيساوي
أكاديمي
وباحث
رغم
كل التحديات التي تتعرض لها شعوب المنطقة عامة والشعب الفلسطيني خاصة يقف العالم
بساسته ومفكريه ومنظريه وخبرائه الاجتماعيين والنفسيين والعسكريين مدهوشا
ومصدوما امام الانتفاضة الثالثة للشعب الفلسطيني الاعزل وهو يدافع
بفدائية عن الاقصى وما يخطط له وما يحاك ضده اذهلت الجميع ولعل اخرها ما صرح
به الكيان الصهيوني الغاصب من محاولة لتقسيم الاقصى زمانيا ومكانيا وما رافق ذلك
من اقتحام وحرق وانتهاك للمسجد الاقصى ..
تأتي هذا الانتفاضة المباركة رغم كل الجراح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والتي لو تعرض لبعضها اي شعب من شعوب العالم لاصبح في عداد الماضي او على صفحات التاريخ او نسيا منسيا...
تأتي هذا الانتفاضة المباركة رغم كل الجراح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والتي لو تعرض لبعضها اي شعب من شعوب العالم لاصبح في عداد الماضي او على صفحات التاريخ او نسيا منسيا...
تأتي
هذه الانتفاضة متعالية على كل الجراح والمآسي والمصائب التي اثخنت الامة
وشغلتها عن قضاياها المصيرية في سوريا وليبيا واليمن والعراق...
تاتي هذه الانتفاضة بعد كل المؤامرات التي حيكت في السر والعلن في الداخل والخارج لتركيع وترويض هذا الشعب الثائر وصده عن قضيته وحقوقه وعزله عن محيطه العربي والاسلامي ...
تاتي هذه الانتفاضة بعد كل المؤامرات التي حيكت في السر والعلن في الداخل والخارج لتركيع وترويض هذا الشعب الثائر وصده عن قضيته وحقوقه وعزله عن محيطه العربي والاسلامي ...
تاتي
هذه الانتفاضة بعد ان تصور الكيان الصهيوني ومن خلفه المتصهينون العرب ان الفرصة
سانحة وان الوقت قد حان لتنفيذ اجندتهم ومخططاتهم تجاه المسجد الاقصى مستغلين
تخاذل الحكام العرب وحالة الفرقة والهوان والانقسام وانشغال الشعوب العربية
والاسلامية بجراحها ومشاكلها...
الا
ان هذا الشعب بما يملكه من مقومات الثبات والصمود والعزة والحركة والجهاد : من
عقيدة خالطت القلوب والعقول وارض هي ارث الاجداد الفاتحين شربوا منها لبان الحنين
وقضية ومقدسات تسري في دمائهم ودماء مليار ونيف من المسلمين وتاريخ وحضارة وعمق
واصالة رسمت للبشرية اروع لوحات التعايش والانصاف والابداع استطاع ان يثبت للعالم
ان الشعوب الحية لن تقهر ولن تركع ولن تساوم بحقها وكرامتها ومقدساتها مهما واجهت
من ظلم وعدوان ومهما جابهت من تحديات وصعاب ومهما طال ليل الاحتلال...لقد استطاع
الفلسطينيون بانتفاضتهم الثالثة ان يقهروا اكبر قوة في المنطقة وان يمرغوا اعتى
الاجهزة الامنية شراسة في التراب وان يفضحوا بتضحيتهم وجهادهم وثباتهم هذه
الاسطورة الوهمية رغم كل ادوات القمع التي مورست ضدهم من عشرات السنين
من قتل وحصار وتهجير واعتقال لم تفرق بين صغير وكبير او رجل وامراة وبين من يحمل السلاح
والاعزل وتجريف واغتصاب للاراضي الزراعية وهدم للبيوت وبعد كل هذه الممارسات العنجهية
التي استمرت لعقود من الزمن يعلن جهاز الاستخبارات العسكرية للكيان الصهيوني بعد
هذه الانتفاضة وعمليات الطعن: صدمته وفشله في الحد من هذه العمليات معللا ذلك: بان
غالبية المنفذين لعمليات الطعن وحالات الدهس ليسوا من المنتمين للفصائل الفلسطينية
ولم يكونوا من المتدينين او ممن عليهم مؤشرات امنية ...لقد استطاع هذا الشعب بهذه
الانتفاضة كسر حالة الجمود والخور والخنوع التي كان الكثير من الحكام والساسة
والاعلاميين والعلمانيين العرب فرضها وتسويغها على الشعوب العربية والاسلامية خدمة
لمصالحهم الضيقة وارضاء لولي نعمتهم اللوبي الصهيوني...
هذه
الانتفاضة استطاعت بسكاكين بسيطة وبقلوب ملؤها الايمان واليقين زعزعت امن
هذا الكيان المسخ وادخال الرعب في قلوب جنودهم واجهزتهم الامنية حتى علق احد كبار
المسؤولين الصهاينة ساخرا من حالات الهروب والهلع في صفوف الجنود: ان جنودنا
يصلحون لتنظيم السير في الشوارع.
ان
ما يجري في الاقصى من ثورة تجاوزت كل الاطر التنظيمية والفصائلية المعروفة وانخراط
جميع الوان اللطيف المجتمعي والعمري وما احدثته من هزة عالمية واعلامية وعلى كافة
الاصعدة تجعلنا نردد وبثقة مطلقة مسمعين من خلالها العالم بان هذا الشعب فوق كل
التحديات وبأن هذه الانتفاضة مسحت الذل عن جبين الامة واحيت الروح الجهادية
وحفزت الطاقات واعادت للاقصى حضوره في شعور الامة ووجدانها وكشفت الاقنعة ومهدت
الطريق عاجلا ام اجلا لتحرير الانسان العربي من ذل التبعية والاستعباد والقهر
والخوف والظلم ليتمكن بعد ذلك من تحرير الارض والمقدسات...والله غالب على امره
ولكن اكثر الناس لا يعلمون.