اسامة التكريتي
سياسي وكاتب
انتهى
زمن المعجزات مع انقطاع الرسالات وختم النبوات، الا ان الكرامات باقية مابقي سلطان
الدين، والكرامات لاولياء الرحمن ثابتة بالإجماع، يشهدها الناس خارقة ولا يجدون لها تأويلا، وتاريخ امتنا مليء بما
يستعصي على الفهم والاستيعاب.
بدءا
بالأنبياء وذراريهم واتباعهم وانتهاء بامة الاسلام التي ظهرت على ايدي الصالحين
فيها من الكرامات ما لا حصر له، انها
الكرامات يجريها المولى على يد عبد أوجماعة او امة، وهي منة من الله لعباده يثبت
به إيمانهم، وحتى لا تكون فتنة.
ولقد
شهدنا ذلك عيانا في ليلة الانقلاب على الشرعية في تركيا، الرئيس بعيدا عن العاصمة
وموقعه مستهدف
والخطة
تقتضي ان يقتل، وبتقدير رباني يغادر موقعه وليس معه الا هاتفه المحمول، وقد سيطر الانقلابيون على كل القنوات وشبكات
البث او كادوا، ويتصل الرئيس، وتلتقط مكالمته ال سي ان ان التركية ، فتنقل كلماته التي دعا
فيها الشعب للخروج الى الميادين والمطارات والتصدي للانقلاب.
ولا
ندري كيف ولم اقدمت المحطة على ما اقدمت
عليه، ولعلها كانت جزء من خطة الانقلابيين
للتأكد من وجوده ومن عزلته وانه لم يعد بيده وسيلة غير هذا الهاتف !!
فانظر
الى آثار رحمة الله الذي هداه لكلمات قليلة عبر ثوان وهو في مكان بعيد عن عرينه
وانصاره، انها تذكرنا بنداء ابراهيم عليه
السلام حين امره الله بالنداء فتعجب إبراهيم، اذ ان صوته لايبلغ آذان سامع في
منقطع من الأرض، ولكن الله تعالى جعل صوت ابراهيم يبلغ تخوم الارض ، فجاء الناس من
أقطارها يلبون !!
والخليفة
عمر يصيح من على المنبر وهو يخطب الناس: (يا ساريةُ الجبلَ ياساريةُ الجبلَ)، وعمر في المدينة والرجل وجيشه في بلاد فارس يسمعه المولى القدير نداء عمر فينحاز وجيشه الى الجبل ويجري الله على يديه هزيمة الفرس وانتصار الدين القويم.
وياتي
نداء اوردكان عبر هاتفه البسيط وينقل صوته وصورته من لم يتوقع ما احدثته كلمات
الرجل في الشعب في هزيع من الليل.
وأوقع
الله في قلوب الشعب التركي نداء الرئيس ما ايقظ الناس من رقاد وما دفعهم للنزول
رجالا ونساء وشيوخا واطفالا، وامتلأت الساحات والميادين بالناس في وقت يستعصي على
اي تفسير.
وغلبت
مكالمة تليفونية عبر تطبيق مجاني طائرات ودبابات وحشود الانقلابيين، وأبطل الله خطط الاعداء والخائنين كرامة للرجل وشعبه.
وكأني
به يناجي ربه في تلك اللحظات ...رب اني مغلوب فانتصر!!
فتنزل
الملائكة بالنصر من عند الله القوي العزيز، فيهرم الجمع ويولون الدبر ، وأتاهم
المولى من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب، فريقا تقتلون وتأسرون فريقا !!
وانطلقت
الحشود تدافع وتقاتل في مشهد اغرب من الخيال، ويسقط الانقلاب وتستسلم الطائرة
والدبابة للحشود
وتتهاوى
أوراق الانقلابيين ويتساقط الجنرالات عند أقدام الجماهير التي انطلقت في الهزيع
الأخير من الليل تدافع عن الشرعية.
ويتحرك
اوردكان ليكون في عين العاصفة وفي قلب المعركة رغم ما روج له الاعلام المتواطئ
عالميا والمتورط في المؤامرة
انها
كرامات تترى تنزلت بها الملائكة من السماء تزرع الرعب في قلوب الانقلابيين وتحملهم
على الاستسلام، وتحث خطى الشعب في ان يبذل كل شيء من اجل ان يحبط المؤامرة ويفشل
الانقلاب.
انها
كرامات لأوردكان الذي كان يردد في كل خطواته، كلا ان معي ربي سيهدين، وهي كرامات للشعب التركي المسلم تدعوه بشتى أحزابه ليقف وقفة مشرفة لم نشهد لها
في عالمنا مثيل، انها حالة فريدة تستعصي على التحليل والتأويل، انها كرامة اجراها
الله على يد اوردكان والشعب التركي تثبته وتهب له النصر المؤزر المبين.
ومهما
تحدثنا عن مقومات انتصار الشعب وفشل الانقلابيين فان الامر يبقى عصياً على الفهم
الا عند من يدرك مدد السماء لاولياء الرحمن.
فهل
يعي الدرس من خطط وبذل من الاعراب
والاغراب؟
اننا بانتظار كرامات اخرى وشيكة الوقوع تفضح اهل
الكيد والمكر وتجعلهم عبرة للمعتبرين.
وحري
بالخونة للأمة، المتواطئين مع اعداء الله، ان يستمعوا ويعتبروا قبل ان يخسف الله
بهم الارض او ينزل عليهم كسفا من السماء، او ان يجعل منهم قردة وخنازير.. ذلك خزي
الدنيا، اما في الآخرة.. فترى المجرمين يومئذ مقرنين بالأصفاد سرابيلهم من قطران
وتغشى وجوههم النار.
فاعتبروا
يا أولي الابصار.