مسلم احمد العز الدين
مدرب وباحث في مجال القيادة
القيادة من الامور العملية التي
تمارس يوميا في كل ساعة وفي كل لحظة ، وهي عند الناس من الأساسيات الاجتماعية التي
لابد منها ، ولكنهم - اعني الناس - يتفاوتون في الحكم على هذه الثلة التي تتصدى
للقيادة مهما كانوا وبأي طريقه قادوا.
ربما يقودهم الصلب العنيد الثابت
على مبدأه المناضل من اجل عقيدته ... فتراهم عجباً ينفضون عنه ويتركونه وحيداً ،
أو يسيرون معه جزءاً من الطريق ثم تكثر الشكاوى والتذمر، بل وتنقلب الى لوم
واتهامات بالتقصير ، او بجر الويلات على الجميع .
وربما قادهم اللين المتنازل عن
المبادئ ، فيسيرون معه دون اكثرات لكثير من مبادئهم المهمة والتي وطئوها على
الطريق باقدامهم ، أو ربما تبرموا من هذا وذاك ، او ارتضوا ذاك الاول دون هذا ،
فمن كان صلبا كانت صلابته سبب بلوانا ، ومن كان لينا اعطى تنازلات أهانتنا .
حتى أن المتابع لأمرهم ، ليعجب أحيانا ، ويتسائل
في نفسه ، ماذا يفعل القادة ليعجبوا الأتباع ، فهم كما يقول المثل المصري ( لاكده
عاجب ولا كده عاجب ) .
والحقيقه ان هذا المتابع ينظر الى
القشر ولا يركز بصره الى لب المشكله .
رضى الجماهير في الحقيقه غير متعلق بطريقه عمل
القائد بقدر تعلقه بنتيجة تلك الطريقة ، فواحد من اهم قوانين صناعة الرأي العام :
ان الجماهير لا تهتم بالشعارات انما تهتم بالمواقف والمكاسب ...
وهذا يعني ان الصلب المبدئي حينما
تكون خلف هذه صلابته مجموعة من المكاسب الحقيقية الملموسة وقدمها لأتباعه ، ستراه
مباشرة يكون البطل الكبير ، والقائد الذي حقق المنجزات !!! بينما رأيناه في صورته
الاولى بدون تلك المكاسب (جالب الويلات) ، وكذلك اللين المداهن ان وفر مكتسبات ،
سيكون في نظر اتباعه داهية في الرأي ، دون ان تلتفت الجماهير الى كم المبادئ
والثوابت التي هدرها ...
الحقيقة ان مقياس نجاح
القيادة من وجهة نظر الجماهير هي المكاسب .
وقد قيل قديماً بأن ( الشعوب تكره
المهزومين ، وتتذكر الابطال المنتصرين )
بل واشد من ذلك تنسى الدماء التي
نزفت في سبيل تحقيق الانتصار فلا ترى في الأفق الا صورة البطل الفاتح .
هذه هي الحقيقه ... ولذلك على قادة
المبادئ ان يجعلوا هذا الامر نصب أعينهم ، حينما يخفقون وتتنكر لهم الجماهير التي
كانت تتبعهم وتهتف لهم ، فإنها انما تنكرت لإخفاقهم لا لمبادئهم ، وان الاتباع مقلدون لقادتهم اصحاب المنجزات .
على كل من يبدأ قيادة الجماهير ،
عليه أن يعي هذه الحقيقة .
وما جرى في تركيا قبل ايام دليل
واضح للمسألة ...
فالكثير ممن نزلوا الى الشوارع كانوا
من غير حزب اردوغان ومن غير المؤمنين بمبادئه لكن انجازاته ومواقفه اجبرتهم على
النزول الى الشارع ...
هم اخضعوه الى مقياس الانجازات ،
فوجدوا ان انجازاته وهو المخالف لمبادئهم اكثر بكثير من إنجازات حاملي مبادئهم !!
الجماهير تحكم على المواقف والمكاسب
ولا تهتم للشعارات ...
متى يفقه قادتنا ذلك ؟؟؟؟