د.
باسم النعيمي
لا
خلاف ان العلوم تتطور وتمر بمراحل عدة، وتطورها مستمر، فما كان من علم الطب قديماً
تطور ليصبح اكثر من فرع وتخصص فهذا طبيب متخصص
بالباطنية وذاك بالعظام وغيره، بل في التخصص الواحد
يتفرع عنه اكثر من تخصص دقيق فتخصص الباطنية فيه تخصص الجهاز الهضمي وذاك في امراض
الكبد فقط وهكذا. وعلى غرار الطب فقس بقية العلوم كالهندسة والفلك والرياضيات
وغيرها من العلوم التي عرفت قديماً.
وعند
العرب كذلك فقد تطورت اللغة تطوراً كبيراً حيث تغيرت بالرسم واضيف لها التنقيط
والحركات وتطورت علومها لتستحدث علوم النحو والصرف والبلاغة حتى قيل لو حضر بيننا
امرؤ القيس وقيل له اعرب( جاء الولد ) لما عرف أن يعربها لانه لم يسمع بشئ اسمه
فعل وشئ اسمه فاعل مرفوع.
اما
علوم الشريعة فلم تشذ عن هذا التطور، فما كان من مصدري التشريع القران الكريم
والسنة النبوية الشريفة في بداية الامر حتى احتاج العلماء ان يتخصصوا في علوم
الشريعة؛ فهذا في التفسير وذاك في الحديث وذاك في الفقه وغيره في اصول الفقة وبعد
أن كان الأعرابي يدخل الاسلام بِــــ (لا إله إلا الله محمد رسول الله) أصبح علم
العقيدة يتكون من الالهيات والنبوات والغيبيات، ويتعلم طالب العلم أن التوحيد
توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات.
في
كل ما ذكرنا فإن التطور والتخصص في العلوم وتغيير المسميات لم تكن مشكلة لدى علماء
السلف فلم نسمع أحداً يعترض على تسمية الفعل والفاعل أو التفسير والفقة.
وعند
متابعتنا لأي كتاب في الفقة وبمجرد الإطلاع على فهرست الكتاب سنجد أن من بين أبواب
الفقة أحكام الحرب والسلم والصلح والجهاد وأحكام الأسرى والغنائم والفيء والمكاتبة
وأبواب العقود والقروض والصرف وغيرها إضافه إلى أبواب الفقة في الشورى والخلافة
والإمامة الكبرى.
كل
أبواب الفقة هذه إذا جمعناها تحت مسمى واحد وعلم واحد وتخصص واحد وبمصطلح معاصر
فاننا لن نجد مصطلحاً أكثر وضوحاً وإنطباقاً عليها من مصطلح (السياسة) ....!!! ثم
تطور العمل السياسي ليشمل تشكيل الأحزاب والدخول في الانتخابات والمشاركة في
التصويت.
فالسياسة
والعمل بها لم تكن من نافلة القول في الاحكام الشرعية بل كانت جزء لا يتجزأ من
شموليته وتنظيمه لكل نواحي الحياة. فهل يعقل أن الشريعة التي وضعت احكاماً وآداباً
لقضاء الحاجة تنسى أو تترك الأحكام التي تنظم شؤون الحكم والسياسة!!!؟؟؟
إن
قعود المسلم وتخلفه عن العمل السياسي في مجتمعاتنا سيترك المساحة للعلمانيين
والمناكفين للإسلام باستلام زمام المبادرة والتحكم بمقدرات الأمة والشعوب
الإسلامية.
فحاجتنا
اليوم للعاملين في الساحة السياسية لاتقل شأناً عن العاملين في المجالات الإنسانية
من الطب والهندسة والفلك بل لا تقل شأناً عن العاملين في مجالات العلوم الشرعية من
التفسير والفقه والحديث، فهما خطان متوازيان لتنظيم شؤون العباد فيما بينهم وبين
الله وشؤونهم فيما بينهم وبين انفسهم.
2 التعليقات
التعليقاتكلام سليم....
ردإن قعود المسلم وتخلفه عن العمل السياسي في مجتمعاتنا سيترك المساحة للعلمانيين والمناكفين للإسلام باستلام زمام المبادرة والتحكم بمقدرات الأمة والشعوب الإسلامية.
ولكن الخيارات الخاطئة القادة خطأ كارثي أقبح من ذلك
كلام سليم....
ردإن قعود المسلم وتخلفه عن العمل السياسي في مجتمعاتنا سيترك المساحة للعلمانيين والمناكفين للإسلام باستلام زمام المبادرة والتحكم بمقدرات الأمة والشعوب الإسلامية.
ولكن الخيارات الخاطئة القادة خطأ كارثي أقبح من ذلك