حازم الفلاحي
ونحن نعيش أحداث هذا الزمن المليءبالفتن،
يتسائل بعضنا: كيف الخلاص؟ وقبل الخلاص: اين الخلل؟ وماهي الأسباب؟
هل نحتاج الى صفحات ومجلدات لاجل
بيانها؟ ام هي واضحة ولكنها خفيت على بعضنا واخفاها بعضنا الاخر؟
الجواب متروك لكم.. لكنني اجيب عن الأسباب
وألخصها بكلمتين هي:
- 1. الاستنساخ الفكري.
- 2. واحترام الذات.
لو نظرنا بإمعان الى جل مشاكلنا في
مجتمعنا المسلم: لماذا لم نتفق منذ فترة طويلة؟ ولماذا لم نر ان هناك من يمكن ان
يحررنا من فرقتنا ومن تشرذمنا وضعفنا؟
لقال أحدنا: نحتاج الى نبي أو قوي
ذي شوكة حتى تحل مشاكلنا !
لماذا؟ هل اختفى النبي صلى الله
عليه وسلم من بيننا ورفع ذكره والكتاب الذي جاء به من قلوبنا ؟
السبب ايها الفضلاء؛ لأننا نعيش جل
مشاكلنا بسبب الاستنساخ الفكري لموروثاتنا بغض النظر عما اذا كانت هذه
الموروثات تناسب العصر ام لا، لذك أصبحت تلك الموروثات جامدة ومُجمِّدة للعقول
جعلت عقولنا وسط دوامة الخطوط الحمراء المتناقصة المساحة والمتناقضة التوجهات
بالرغم من أنها باتجاه سلبي لحد الخنق!!!
والموروثات قسمان: الأول: هو المورث
القديم من العلوم الذي لم يستطع حامله أن ينصبه على الواقع دون المساس بمقاصده
الشرعية.
والثاني: هو الموروثات المتأتية من
هجرة الاشخاص من مكان الى مكان كأن تكون مسجد الى مسجد أو من مدينة الى مدينة أو
من قطر الى قطر.
هنا تبرز القابلية العقلية للفرد في
خدمة نفسه فهجرة الموروث تؤدي الى فراغ لربما يملأ بما لا يليق بأدبياته التربوية
والدينية !
أو التقوقع على موروثاته الأدبية
والفكرية والتربوية فيصبح غريباً في مكانه الجديد شاذا عن الجماعة التي وصل إليها.
وحقيقة كل ذلك هو ما يعانيه أهل
السنة والجماعة في العراق على وجه الخصوص والناس عامة .
فالفطنة هنا والذكاء والتفاعل
الايجابي المتوازن هو المطلوب للمحافظة على اتزان الفكرة ومقبولية الشخصية وطرح
الذات القديم على المستجدات.
فاننا نعاني من تزمت البعض بالقديم
مدعيا انها أصول .. ومن ثم عدم ترجمتها الى الواقع المعاصر واستعمالها بالطريقة
المثلى التي تعامل بها الرعيل الأول من الصحابة والتابعين وكيف انهم استطاعوا ان
يسخروا موجوداتهم الفكرية لخدمة المتطلبات الجديدة.
فحسان وابن رواحة بقيا شاعرين لكن
تغير اسلوبهما في الأداء بما يناسب المرحلة، وبقي ذكاء خالد ودهاء عمر وحكمة معاذ
وبذل عثمان واخلاص الصديق وعفة الحرائر الصحابيات (رضي الله عنهم جميعا) لكن تغير
الاداء في ذلك شكلا وصورة باختلاف مساقات العيش وأنماط الحياة الجديدة، لكنه بقي خاضعا
للولاء والبراء خاضعا لمتطلبات الرسالة ونشرها خاضعا للأوامر الإلهية.
((خياركم في الجاهلية خياركم في
الاسلام اذا فقهوا )) ماذا فقهوا؟
هل المطلوب ان يكونوا فقهاء عبادات
ام فقهاء عقائد ام ماذا ؟!
المقصود فقه الواقع الجديد
ومتطلبات المرحلة، وإلا كيف لعمر رضي الله عنه أن يمنع ما ظاهره من القطعيات،
لماذا؟ لأنه فقه روح الشرع، وفهم الواقع، وتحرك تحرك المجتهد الحكيم، فحل مشاكل
زمانه ضمن ضابط دقيق وفهم عميق.
متى ما صار لأبناءنا مُطاوعة فكرية ومتابعة
واعية لفقهاء الواقع المعاصر ورضوا بحكم الله على انه حكم الله.. وبحكم البشر على انه
من باب ((أجتهد ولا آلُو))= أصبحنا موفقين في خطواتنا.. يبارك لنا الله تعالى في
عملنا ويسهل علينا وحدتنا ويقوي شوكتنا، وصرنا في النهاية مهابي الجانب .....
نعم.. لا وصول بلا أصول.. ولا أصول
بلا استعمال منضبط للعقول..
وكل قديم غير مناسب للواقع يظهر عند
انزاله عور وقصور.. ولات حين مندم..