اتفاق الكلمة.. ما لها وما عليها؟!


صلاح العبيدي
حقوقي وكاتب


من البديهي أن اتفاق الكلمة في إطار أي عمل جماعي هو عنصر قوة لتلك الجماعة، لكننا هنا نريد أن نسأل: هل لهذا الاتفاق المطلق من أضرار في الوقت ذاته؟!!.. وكيف نفهم قوله تعالى: ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الانفال/٤٦ ؟!!..

اعتقد في إطار الجماعة الواحدة لا ينبغي للنزاع أن يسود، وسيحصل هذا الوئام المطلوب يوم تتفق هذه الجماعة الموحدة على منظومة للقيم وأخرى لتنظيم العمل..

بيد أن الحديث في إطار المجتمعات البشرية على اختلاف أطرها يستوجب أن نقول إنها لا تستطيع أن تعيش بالاتفاق وحده، وأن التنازع فيما بينها أمر ضروري لكي تتقدم بالمجتمع إلى الامام، ويصدق في حقها قوله عز وجل: ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ) الحج/ ٤٠..

إن الوئام والتوافق المطلق رغم أنه يجعل من الأفراد قوة لا يستهان بها تجاه الجماعات الاخرى، الا أنه في الوقت نفسه سيفضي الى سلبية الجمود والعجز  عن التطور او التكيف مع الظروف المتقلبة، فالتماسك والجمود صنوان وتوأمان يولدان معاً..

ولكي يكون هذا التنازع إيجابياً ويؤدي الى الحركة والتطور المنشود لابد أن يقوم على أساس مبدئي وليس شخصي، بحيث يهدف فيه كل طرف متنازع الى أن يثبت صحة توجهاته المبدئية التي لا يكون للحظ الشخصي فيها نصيب..

ولعل حالة الاحزاب المتنافسة في كل من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا هي خير مثال على هذا التنازع الإيجابي  والتنافس المبدئي الذي يهدف في الاخير الى إثبات صحة اطروحته الرامية الى تقدم البلد.. حيث اتفق الطرفان على كلمة سواء فيما بينهم..


فإذا رايت تنازعاً بين جبهتين متضادتين في مجتمع ما، فاعلم ان هاتين الجبهتين هما بمثابة القدمين اللتين يمشي ويتقدم بهما ذلك المجتمع، إذا كان الاختلاف قائما بالشرط المذكور.

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا