الثبات ...الثبات


الثبات ...الثبات

د.اسامة التكريتي
سياسي وكاتب


حياة الناس محكومة بسنن ونواميس
وليس بعاقل من يتمرد عليها او يتحداها او يغالبها
والحكمة وتمام العقل ان تتجانس معها وتستسلم  لقوانينها
فالنار تحرق ، والماء  يغرق ، والذي خبث لا يخرج الا نكدا
ومن هذه النواميس ما هو ظاهر بيّن يدركه كل ذي نظر
ومنها مانكتشفه ونحن نسلك في مسارب الحياة ودروبها
ولقد جاءت الرسل من اجل ان يحيا من حيّٓ عن بينة
كما نزلت الرسالات وفي خاتمتها  قوله تعالى (وما اكثرُ الناس ولو حرصت بمؤمنين)
وأدرك من ادرك ان الحياة صراع وتدافع
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض
وان الله مع المؤمنين
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
الا ان الكثرة تبهر العيون وتشرئِبُّ لها الاعناق وتهواها النفوس
والقلة مدعاة للوحشة والخوف والقلق
ولكن الرسالة الإلهية للناس ان الميزان حق وباطل
وان القلة مع الحق منصورة لامحالة
وان الله مع المحسنين
واما الزبد فيذهب جفاء
وهنا يفعل الايمان فعله وتأخذ العقيدة دورها
ليميز الله الخبيث من الطيب
وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين
ولقد رأيت في ساحتنا الاسلامية في العراق ما أقلقني الى حد الرعب
نخبة أتعبهم الطريق الموحش وهم فيه يتعثرون فتحدثهم نفوسهم ان يخرجوا عنه الى آخر يزدحم فيه الناس ويصخبون ، يجدون فيه الراحة التي لم يذوقوا طعمها من قبل فيتأولون ويبررون وينسون وعيد الله نبيه ( ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا اذن لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات )
وقوله ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والْعَشِي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه)
وهناك نخبة اخرى  لم تمحصهم الايام وتصقل نفوسهم الدعوة يميلون للتفلت والمداراة
يغريهم مخالطة اصحاب التمكن والسلطان في ان يميلوا عن طريقنا الموحش ذو التكاليف وان ينحازوا اليهم يحتموا بهم وينتفعوا برفقتهم 
ولعل اولئك يسمعونهم معسول القول في ان يصفوهم بالاعتدال ويعدوهم ان اعتدالهم هذا مفض الى تحقيق مصالح كبرى وهم في الحقيقة يعبثون بعقولهم ) كمثل الشيطان اذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال اني بريء منك (
وآخرون استكثروا سهام اعداء الله وهي ترميهم من كل حدب وصوب وصاروا يظنون بإخوانهم وبالله الظنون ويتوهمون ان مايلاقونه من اذى علاجه ان ينزعوا ثوبهم ويغيروا ويبدلوا حتى تهدأ عنهم العداوة  وهذا من الوهم وقلة الحيلة ومصائد الشياطين
والمجربون واهل الحكمة  يناشدونهم الله ان يثبتوا وان لا يكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة إنكاثا
ويذكرونهم بالثابتين من اتباع طالوت اذ قالوا (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله)
وان النصر الرباني جاءهم لما قالوا (ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
فهزموهم باذن الله وقتل داود جَالُوت وآتَاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء)
انها لحظة الثبات والصبر واليقين بان الله معنا وحاشاه ان يضيعنا وانه الابتلاء المفضي للنصر المبين









شارك الموضوع

إقرأ أيضًا