نقمــة "الآبائيــة"




آية صباح فارس
طالبة جامعية

هو بيتٌ خَـرب متهالك تشكو جدرانه أبوابه و تئن زواياه أترابه و ربما عَـج المكان برائحـة النتن
أشياء تشتكي منك اليك و تصر على ان تصم السمع عنها ( ما خفي من الداخل) ! ..
اما من الخارج و امام الناظر فكقصر بلقيس المُزمرد و صرح سليمان الممرد ، لا يلبث صاحبه بتغيير الدِهان و الألوان بين الفَينة و الأخرى هكذا حاله ( لابد للأفعى من الانسلاخ) !!
هذه المادة المحفوظة بين جنبات الرأس من عظيم آلاء المُنعم و لكل نعمة أمد اما تذهب عنك او تذهب عنها و انما الشكر يكون بالعمـل ( اعملو آل داود شُـكرا وقليل من عبادي الشكور)
الأساءة مع القلة اهانة للنعمة .
الدماغ هذا العضو الهائل الذي يزدحم بـ بليارات الخلايا و ملايين التشعبات و الأفرع، استودعنا البديع هذا المخلوق لنقدم القسط و نجازي الاحسان بالاحسان ، هذا المطلوب اقراره
و الواجب عرفانه و العمل لمبتغاه
كما هو معلوم يولد الانسان على الفطرة بنقاء والتي تعد الردم الصُلب لمنع بعض السوادية المجتمعية و كما هو معلوم ايضا ان هذا الانسان نفسه يُقولب البيانات (Input) بلوحة مفاتيح التبديل و التغيير لتحصل البرمجة على وفق ما يُملى عليه و لأنه مجبول على النقص و عدم الكمال قد يكون هو المتهم الأول بعشعشة الفيروسات و عملقتها !!
عندما يحصل التساير و الاندماج المفرط مع الاخرين لدرجة قَبولهم في كل شيء و الاهتمام برضاهم عن أي شيء هنـا تحدث الخطيئة بحق هذا الكائن المؤتمن أنت عليه
وقد يتبع هذا القانون اصحاب الماركة ( أ . د ) والشهادات التي أثقلت جدران الغرف و حامليها قد يكونون مجرد ( مُتطفلي جلسات او اشاعات) الا من رحم الله
الانغماس في التقاليد  و العادات و الابائية و القبيلة و العشيرة وتحصيل رضاهم اصبح كل ذلك واكثر نقمة المجتمع الساعي الى النهضة و التحضر و لاشك انها تضع المطبات أمام المصلحين الرامين الى التحضر و ايقاظ الوعي وستحرم نفسك من معارف و علوم لست غنيآ عنها

فمتى ستقتلع جذور الجاهلية يا خليفة و تكون مشـروع نجاح و فلاح ؟
متى تعلن الانتفاضة على الموروثات المتراكمة التي تعتبر نتاجات عدم فهم و وعي أسوةً بخليل الله ابراهيم ( عليه و على نبينا الصلاة و السلام ) ؟ الذي صدح بثورته أمام أقرب الناس اليه
ردآ على الذين تشدقوا بـ ( بَلْ قَالُوا انَّا وَجَدنَا آبَائَنا على أُمَةٍ وانا عَلى آثارِهِم مُهتَدُون)
يُجيب الثابت الذي فَكر و قَدر و يعلن التبرئة ( و اذْ قَالَ ابرَاهِيمُ لأبيهِ و قَوْمِهِ انني بَراءٌ مما تَعْبُدون ) موقف سيدنا ابراهيم هذا و غيره في الفضل و الفتوة و الشجاعة و الثبات جعل آيات الثناء تنزل كالغيث الذي يغسل قلوب المُتعبين ( ان ابراهيم كان أُمـــة قانتآ لله حنيفا و لم يكُ من المشركين ) أمـة ابراهيم ليست كـ أمة من وجدوا ابائهم عليها ، انما الجزاء من جنس العمل .

قد يفرض عليك صاحبك مشروبا أنت لا تحبه وتلزم نفسك بشربه انصياعآ له مُكرهآ  نفسك على فعله ، قد يقول أحدهم ان هذا القبول دلالة الحب و الاحترام
أقول : ارفضه بحب و احترام .. سيتقبل صاحبك و ستُقدر نفسك.
كلنا نعرف الطعام- الضب – الذي عُرضَ على رسول الله نبي الحب  ( صلى الله عليه و سلم ) فرفض أكله
وقال : لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ..
فلماذا الحرص على هذه العادات و الاهتمام برضا أهلها ؟!!

((قل ان صلاتي ونسكي و ( محياي ) و مماتي ( لله ) رب العالمين))

لتعلم بعدها ان رضا الناس ليس غاية أصلا
والتقليد الذي يحرضك على وأد ابنتك قد وأد فكرك أولا
و الرسالة –التي فيها من الاحاديث الضعيفة والمنكرة مافيها والتي  تقول لك : انشرها و لك الأجر
( لا تنشرها و لك الاجر(
فاذا أردت يامسكين أن تزور حديقة قصرك المزعوم  فلا تنسى مُبيد الفيروسات و الآفات التي قد تزحلقك الى مستنقع ضحل ، ولابد لك من زيارة لمراجعة محتويات الدماغ و اجراء عمليات الغسيل .
لكنه ليس كـالغسيل الذي يتبادر الى اذهاننا ( تعبئة العقل بأفكار شيطانية وتمرد على السلمية و تغيير المبادئ السليمة ) فيرجع الرجل بغير الوجه الذي ذهب به !!
انه غسيل من نوع خاص يخرج به المرء بأبهى حُـلة و أنصع زينة ( لمن يهمه امر الزينة ) هو باختصار عملية جرد و تطهير و تنقية و كأنك تضع هذا الدماغ في غربال يغربل كل الشوائب و تهزه هزا لتذره قاعا صفصفا ( مستويا-أملسا ) هذه بواكير ( التخلية ) الميمونة و هي وحدها لاتكفي فلابد من اتباع قرينتها ( التحلية ) بها

أتاني هواها قبل ان أعرف الهوى *** فصادف قلبا خاليا فتمكنا

كل خالٍ و فارغ من قلب او عقل كالوعاء الذي سيمتلأ شئتَ أم أبيت و أنت عليك أن تحدد كيفية و كمية و نوعية مادة التعبئة  فالتدبر و التفكر والقراءة مُطيبات صحية و جديرة بالأخذ و المصاحبة فحُسن التعبئة تنجي من الهبوط الى مدارك الجهل المركب
لتنعم بـبشرى عملية التعبئة تمت بنجاح زوده برصيد سليم صالح للاستعمال .


شارك الموضوع

إقرأ أيضًا