بين المشايخ والدكاترة!!

د. هيثم عبدالسلام
أكاديمي وباحث

  هناك صراع خفي مستتر يظهر في بعض الاحيان على السطح بين المشايخ والدكاترة فيزدري احدهما الاخر، لا اعرف سببه بالضبط وان كانت غشاوات النفوس لا تدع احدا مهما بلغ من علم أو مركز، وهذا الصراع يبدو أن لا مناص منه وبالتاكيد لا يمكن القضاء عليه ، ولكن نطمح ان لا يكون عامل اعاقة وتاخير للدعوة وفرقة للمسلمين.

وأعني هنا بـ"المشايخ" الذين يتولون الامامة والخطابة في المساجد، وأعني بـ"الدكاترة" من يتولون تدريس العلوم الشرعية في الجامعات والكليات الاسلامية.

لم يكن هذا التفريق والشقاق موجودا في السابق بهذا الوضوح ، لان الجميع كان تدريسهم يتم بطريقة واحدة ويتخرجون الى المساجد والتعليم فيها ، اما الان فهناك طبقة جديدة وكبيرة من حملة الشهادات وهم يدرسون في الجامعات والكليات الشرعية بعيدين عن تولي الامر في المساجد ، وفي كل مسجد ومنطقة تجد فيها واحدا او اكثر من هؤلاء وتسمع منهم الهمس والتصريح عن ضعف اداء شيخ الجامع وعدم صحة رايه هنا او هناك ، وتسمع من شيخ الجامع أن الدكتور الفلاني منسوب إلى الشرع برئ منه..الخ
وقد  يصل الامر بينهما الى التنازع والخصومة والقطيعة وعدم الحضور الى المسجد فينطبق عليهم المثل " بينهما ما صنع الحداد ".
وقد يكون بينهما التنافس وهذا لا شك أنه محمود  وندعو الى المزيد منه لانه سيظهر على شكل عطاء علمي وخدمة للاسلام والمسلمين شريطة أن يتجاوز حد الإنصاف والمنافسة الزكية.

 قد يقول قائل ان كثيرا من الشيوخ هم دكاترة ايضا يحملون الالقاب العلمية ، كما ان كثيرا من الدكاترة يتولون الامامة والخطابة في المساجد وبعضهم يسكن في المساجد ، فكيف اذن تفرق وتفصل بينهم .
ان التفريق بينهم يكون يكون على اساس التفكير وطريقة العمل ، فبعض المشايخ بحكم الاختلاط مع المصلين ينزل بفكره من علياء التفكير العلمي الى  عوام المسلمين فيدور حول الوعظ والنصح  والقصص والحكايات التي تروق وتطرب مستمعيه وترضيهم فهم راس ماله وأصل جاهه (إن كان صاحب دنيا)، فيتطبع بهذا النهج ويصبح ماتعلمه وما درسه في وادٍ وما يطرح في الجامع في وادٍ اخر.
اما "الدكاترة" فهم بعيدون عن هموم الجامع ومشاكل المصلين فمنهم الذين يرون انفسهم قد انقطعوا الى محراب العلم يكتبون ويدرسون الى عالم اخر او على سطح الورق لا تلامس افكارهم الناس.

 لذلك تجد الغمز واللمز بين الطرفين ، والحق ان بينهم قسمة غير معلنة:
المشايخ للجوامع.. والدكاترة للمناصب..! 
ولاشك ان بينهم من سار على جادة الوسط فجمع بين المنهجين فاخذ باحسن ما لدى كل طرف من دون ان يميل الى جهة على حساب جهة اخرى ، اي من دون ان يكون تفكيره تقليديا مكررا، او "جامعيا" قد يوصف بـ"الكشخة" و"الاناقة" مع الترفع والاعجاب بالنفس.
كما ان هناك طرفا اخرَ قد فرط بكل الامور فلا ينفع اهل المساجد ولا اهل العلم والمعرفة . 

 ولعل خير دواء وافضله واسرعه لهذا الداء قول المصطفى صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت "  فمن لم يكن حجر بناء فلا يكن معول هدم وليعمل مايستطيع ولاينسب الفضل والخير كله له ، فكل قد جعل الله فيه خيرا.


ونخشى ما نخشاه ان تترسخ بينهم  هذه القسمة الضيزى فيكون المشايخ للجوامع والوعظ والقصص مع الخواء الديني، والدكاترة للمناصب وحمل الحقائب الدبلوماسية وربطة العنق مع الخواء العلمي  فنخسر جميعا.

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

1 التعليقات:

التعليقات
24 مايو 2016 في 10:58 م حذف

يروق لي أن أعلق على مقالك أخي أكرمك الله..
لو كان شيخ الجامع ذا علم رصين ما همزه الدكاترة.. خصوصا إذا كان الدكتور قد تخرج من حلقاته..
ولو كان الدكتور ذا مكنة علمية ما لمزه الشيوخ.. خصوصا إذا كان قد تخرج من بين يدي الدكتور..
والله المستعان

رد
avatar