من القواعد الأساسية للسياسة الشرعية (ح2) آليات إختيار الخليفة (الشورى)


د. محمد رشيد


أكاديمي وباحث
إن غالب المفكرين الإسلاميين يرفضون الديمقراطية ويعتبرونها "نظاما مخالفا للإسلام ؛ حيث يجعل سلطة التشريع للشعب ، أو من ينوب عنهم كأعضاء البرلمان، وعليه : فيكون الحكم فيه لغير الله تعالى ، بل للشعب ، ونوابه". كما ورد نصه في موقع الشيخ محمد صالح المنجد، ونجد مثل هذا النص في الكثير من الأدبيات والأبحاث السياسية الإسلامية وتعتبر الديمقراطية (نظام حكم) وليست طريقة أو وسيلة أو نظام (لإختيار) نظام الحكم وهو أحد أنواع الديمقراطية المباشرة (حيث يقوم الشعب بحكم نفسه بشكل مباشر) وتقدم في ذات الوقت (نظام حكم) بديل هو (نظام حكم الشورى).
لقد واجه المجتمع المسلم (معضلة) آلية إختيار (حكم الشورى) هذا في أول تجربة بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكانت بيعة السقيفة (آلية السقيفة) ففي حديث صحيح متفق على صحته، ولفظه عند البخاري عن ابن عباس عن عمر انه قال : ثم إنه بلغني قائل منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا.
والمقصود بذلك أن بيعة أبي بكر ـ رضي الله عنه – وليس عمر - كانت فلتة أي فجأة لم يرجع فيها إلى عوام المسلمين، وإنما بادر إليها كبراء الصحابة لعلمهم بأحقية أبي بكر بالخلافة، وأنه لا عدل له ولا كفء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جاء في الفائق في غريب الحديث والأثر: "فَلْتة: أي فُجاءة، لأنه لم يُنْتظَر بها العوام، وإنما ابتدرها أكابرُ الصحابة لعلمهم أنه ليس له منازع ولا شريك في وجوب التّقدم". انتهى
  وأما قوله: تغرة أن يقتلا ـ فالتغرة هي التغرير, والمقصود أن من بادر بمبايعة رجل دون الرجوع للمسلمين فقد عرض نفسه هو ومن بايعه للقتل، جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: التغرة: التغرير، يقال: غررت بالقوم تغريرا وتغرة، وإنما أراد عمر أن في بيعتهما تغريرا بأنفسهما للقتل وتعرضا له فنهاهما عنه. انتهى
  أما بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي بكر ثابتة في الصحيحين وإن وقعت متأخرة بضعة أشهر. عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن أباها أبا بكر رضي الله عنه دخل على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد أن دعاه :( فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ : إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصيبًا، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي ، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ : فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنْ الْخَيْرِ ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ .
فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ : مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنْ الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ ، وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ نَصِيبًا ، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا ، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا ، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ ، وَقَالُوا : أَصَبْتَ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ ) .
رواه البخاري (3998) ومسلم (1759)
وفي رواية أخرى لمسلم في صحيحه :
( ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا : أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ فَكَانَ النَّاسُ قَرِيبًا إِلَى عَلِيٍّ حِينَ قَارَبَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ )
وتم في السقيفة إختيار خليفة للمسلمين أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
أما البيعة : فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس ، ولا كل أهل الحل والعقد ، وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء ، والرؤساء ، ووجوه الناس .
 وأما عدم القدح فيه : فلأنه لا يجب على كل واحد أن يأتي إلى الإمام فيضع يده في يده ويبايعه ، وإنما يلزمه إذا عقد أهل الحل والعقد للإمام الانقياد له ، وأن لا يظهر خلافاً ، ولا يشق لعصا .
ثم واجهها المجتمع المسلم مرة أخرى (ونظام الحكم لم يختلف) بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت آلية مختلفة لاختيار خليفة للمسلمين يحكم بالشورى وهي (إختيار أبو بكر لعمر كي يخلفه من بعده).
إن أبا بكر عهد إليه أمام جلة الصحابة، فقبلوا رأيه بعد أن خطب  خطبته التي وصف فيها عمر بصفاته كلها وخلاصتها: أنه شديد في غير عنف، لين في غير ضعف، وإذا كان طلحة قد احتج على توليته بقوله لأبي بكر: (تولي علينا فظًا غليظًا، ماذا تقول لربك إذا لقيته؟)، فقد حدث أن اعترف بعد ذلك بفضله وقال لعمر: (لقد استقامت العرب عليك وفتح الله على يديك)، ثم اشترك مع عثمان وعبد الرحمن في طلب العهد من أبي بكر لعمر لأنه أهل لها) موقع الدكتور مصطفى حلمي  رابط الموضوع:
  
http://www.alukah.net/web/mostafa-helmy/0/40314/#ixzz3eShJ7e4x
أما بيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد كانت كما وردت في صحيح البخاري :  ... واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا أوص يا أمير المؤمنين استخلف قال ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن وقال يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء كهيئة [ ص: 1356 ]
.... فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير قد جعلت أمري إلى علي فقال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان وقال سعد قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف فقال عبد الرحمن أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فأسكت الشيخان فقال عبد الرحمن أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آل عن أفضلكم قالا نعم فأخذ بيد أحدهما فقال لك قرابة من [ ص: 1357 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك فلما أخذ الميثاق قال ارفع يدك يا عثمان فبايعه فبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه .
أما بيعة الأمام علي كرم الله وجه ورضي عنه فإن أول من ذهب إلى علي  بعد مقتل عثمان يطلب مبايعته بالخلافة هم قتلة عثمان، وقد ورد أنه في يوم الجمل قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- -: " اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد طاش عقلي يوم قُتِل عثمان ، وأنكرت نفسي وجاؤوني للبيعة فقلت  : إني لأستَحْيي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة)  وإني لأستحي من الله وعثمان على الأرض لم يدفن بعد ."
فانصرفوا ، فلما دُفِنَ رجع الناس فسألوني البيعة فقلت : اللهم إني مشفقٌ مما أُقدم عليه ثم جاءت عزيمة فبايعتُ فلقد قالوا :( يا أمير المؤمنين ) فكأنما صُدِعَ قلبي وقلت (اللهم خُذْ مني لعثمان حتى ترضى ).
فلقد تمت البيعة لعلي بعد دفن عثمان رضي الله عنه.
وفي البداية رفض علي الخلافة وطلب أن يبايعوا طلحة بن عبيد الله أو الزبير بن العوام، ... فذهب مع الناس إلى طلحة ليعرضوا عليه تولي الخلافة، ولكن طلحة قال لعلي: إنك أفضل مني، ثم ذهبوا إلى الزبير وقال كما قال طلحة... فذهب علي ومعه طلحة والزبير إلى المسجد واجتمع الناس وبايعوه للخلافة. لقد كانت بيعة علي في المسجد في العلن وأمام الناس
قام الخوارج بالاتفاق على قتل علي ومعاوية و عَمْرو –رضوان الله عليهم–، فضرب أشقاهم عليّاً في صلاة الفجر فجرح جرحاً بليغاً، أما معاوية فشفي من جرحه، و أما عَمْر فقتل غيره بدلاً منه. و قد طلب من علي أن يستخلف عليهم الحسن من بعده، فرفض بشدّة لأن ذلك مخالف لمبدأ الشورى، و قال: «لا آمركم و لا أنهاكم. أنتم أبصر»[ و هذا ثابت حتّى في المصادر الشيعية. إنظر: الشافي (ج3\ص295)، و تثبيت دلائل النبوة (1\212)، و مقتل الإمام أمير المؤمنين لأبي بكر بن أبي الدنيا  (ص43). و قريباً منه في مروج الذهب (2\44) و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (4\8) و (16\22).]
ثم اجتمع أهل العراق يريدون مبايعة الحسن ، فاشترط عليهم «إنكم سامعون مطيعون، تسالمون من سالمت، و تحاربون من حاربت». فارتاب أهل العراق في أمرهم، و قالو ما هذا لكم بصاحب و ما يريد هذا القتال. فحاولوا مبايعة الحسين بدلاً منه فأبى، فاضطرو مرغمين إلى مبايعة الحسن. ومن بعد توليه الخلافة  تنازل عن الخلافة لمعاوية و أصلح بين أهل العراق وأهل الشام كما جاء في الحديث الصحيح.
      وطريقة إختيار الخلفاء الخمسة تتسم بما يأتي
1.  تم إختيار الخلفية أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه (بإختيار أهل العقد والحل في المدينة)
2.  تم تولية عمر بن الخطاب رضي الله عنه (بأمر من الخليفة الأول) أبي بكر الصديق رضي الله عنه (تعين) .
3.  تم تولية عثمان بن عفان من بين (ستة مرشحين رشحهم) الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه.
4.  تم تولية علي بن أبي طالب (بإختيار عموم أهل المدينة).
5.  تم تولية الحسن بن علي بن أبي طالب (بإختيار عموم أهل المدينة).
  الأمر الذي يشير إلى حقيقتين أساسيتين في إختيار الخلفاء
 الحقيقة الأولى هي عدم وجود (آلية ثابتة) لإختيار الأمراء (الخلفاء) وهي متروكة لإجتهاد المسلمين .
   والحقيقة الثانية هي : أن طريقة إختيار الخلفاء لم تؤثر على طريقة الحكم واستمر الحكم بما انزل الله ووفق شريعته.
   ولم يكن هناك أي اعتراض على آليات إختيار الخلفاء الخمسة (المختلفة) ولا على طبيعة حكمهم إلا من قبل الشيعة الإثنى عشرية حيث إنهم يرون أن مسألة الخلافة مسألة وقفية بالنص الإلهي وبالأسماء ولا وجود لأي إجتهاد أو إختيار فيها.
وهناك حقيقة ثالثة أن الخلافة الأموية والخلافة العباسية إعتمدت (التوريث) في إختيار الأمراء ورغم ذلك فإنها عند عموم المسلمين (دول إسلامية وحكم إسلامي) وإن شابه ما شابه من خروقات شرعية ومنها التوريث.
فما هو المحظور الشرعي (الآن) لو أطلقنا لكل من يجد في نفسه الكفاءة في الحكم إن يرشح نفسه ليحكم البلد ويعرض (برنامجه ورؤياه للحكم) وأطلقنا لعموم الناس في البلد الحق في (إختيار) من يعتقدون أنه مناسب لحكم البلد وفق ما يعتقدونه أنه الأنسب والأنجح أو (الأقرب) بموجب برنامجه ورؤياه وبموجب ما يعتقدونه هم فإن كانوا مسلمين سيختارون أنجح المرشحين الإسلاميين وإن كانوا خلاف ذلك فلهم أن ينتخبوا من يرونه مناسباً لهم . ويمكن للشعب تغير قناعته حسب أداء المنتخبين وحسب قدرة المرشحين على الدعوة والإقناع ومصداقيتهم مع الناس.
فطريقة إختيار الحاكم ليست لها علاقة بطريقة الحكم إلا بمقدار ما يراه الناس أنه الأصلح لهم في تسير أمور حياتهم الأساسية وهي تدور في أزماننا المعاصرة وفي أرقى الأنظمة المعاصرة حول أربعة من الضروريات الخمسة التي تكفلت الشريعة الإسلامية بحفظها ورعايتها : ، قال الشاطبي مبينا هذه الضروريات ووجه الاستدلال عليها: فَقَدَ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ ـ بَلْ سَائِرُ الْمِلَلِ ـ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ وُضِعَتْ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ، وَهِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالنَّسْلُ، وَالْمَالُ، وَالْعَقْلُ ـ وَعِلْمُهَا عِنْدَ الْأُمَّةِ كَالضَّرُورِيِّ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا ذَلِكَ بِدَلِيلٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا شَهِدَ لَنَا أَصْلٌ مُعَيَّنٌ يَمْتَازُ بِرُجُوعِهَا إِلَيْهِ، بَلْ عُلمت مُلَاءَمَتُهَا لِلشَّرِيعَةِ بِمَجْمُوعِ أَدِلَّةٍ لَا تَنْحَصِرُ فِي بَابٍ وَاحِدٍ، وَلَوِ اسْتَنَدَتْ إِلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَوَجَبَ عَادَةً تَعْيِينُهُ.
فإذا كانت أربعة من الضروريات الخمسة يتكفل بها المرشحون غير الإسلاميين فيمكن للمرشحين الإسلاميين أن يتكفلوا بتحقيق الضروريات الخمسة لكل المجتمع وعلى قدر إستطاعتهم وبموجب الإمكانيات المتاحة لهم في ذلك البلد . ما المحذور الشرعي خصوصاً ونحن مجتمعات نقترب ونبتعد من الإسلام بجهود دعوية مجتمعية ولا يوجد عندنا (أهل حل وعقد) شرعيين ملزمين بطاعتهم ولا (مرجعية دينية محددة واجبة الإتباع) ولا يوجد إجماع ملزم على أمر محدد من أمور الحكم ولا على مرشح معين مختار للحكم ! وأغلب المجتمع يؤمن بالإسلام و يؤمن بالتدرج الإصلاحي للمجتمع وللدولة (عن طريق المجتمع ذاته وعن طريق الدولة أيضاً).
فإذا لم يكن هناك محذور شرعي في دخول المرشحين حلبة الصراع السياسي والترشيح للإنتخابات الرئاسية أو البرلمانية لغرض الإصلاح ودرء المفسدة وجلب المصلحة لعموم الناس ضمن ظروفنا الحالية (لأغلب بلداننا الإسلامية) والسعي لتغليب الأصلح للأمة فهل يبقى العائق هو مصطلح (الديمقراطية)؟ ولقد بينا إن هذا المصطلح فضفاض ويحمل أكثر من معنى وهو دائماً يحتاج إلى كلمة توضيحية مرافقة تحدد طبيعة ونوع هذه الديمقراطية وكل ما في الأمر أنها كلمة (أعجمية) يونانية أستخدمت في القرن الخامس قبل ميلاد السيد المسيح عليه وعلى رسولنا السلام. وإذا أردنا أن نستخدمها مع إضافة كلمة توضيحية فلا مانع مصطلحي من ذلك كأن نقول (ديمقراطية إسلامية أو ديمقراطية رشيدة أو ديمقراطية أخلاقية أو أمِينة أو ديمقراطية شورية ... الخ).
   وإذا كان ذلك غير مقنع وقد يعتبره البعض إتباعا غير محمود للغرب وتقليدا له أو ضعف غير محمود في الشخصية المسلمة فإني سأضع مبحث موجز في ولادة المصطلح ولكن المشكلة ليست في التسمية المشكلة أنك ستدخل واقعياً عملية (ديمقراطية) وتشارك بها إلا إذا أعتقدت بحرمة ذلك فأرجوا اعادة قراءة الكلام المتعلق بآليات إختيار الخليفة.



شارك الموضوع

إقرأ أيضًا