اشكالية الامة ونهضتها بين علماء السلطان، وسلطان العلماء

اشكالية الامة ونهضتها
بين علماء السلطان، وسلطان العلماء

د.ادريس العيساوي
أكاديمي وباحث
ليس خافيا على اهل الاختصاص وغيرهم: ان الامة تمر باخطر مراحلها ،واحرج اوقاتها، واصعب ظروفها وعلى جميع المستويات العلمية والفكرية ، والاقتصادية ،والاجتماعية ،والسياسية حتى وصل الامر الى محاولة المساس بثوابتها والنيل من مبادئها…

فهناك حملات غير مسبوقة من قبل الاعداء تهدف الى الطعن بمرتكزات الامة العقدية ، والقيمية ، والحضارية ،مدعومة بماكنة اعلامية كبيرة اخترقت الحواضر والبوادي مستخدمة كل وسائل التأثير،واساليب التضليل،والتشويه بمكر لتزول منه الجبال،وقد ساعدهم في تحقيق مآربهم جيوش جرارة من فرق ضالة، وهيئات مشبوهة ،وحكام مستبدين اضافة الى بعض الكتاب والاعلاميين ،والمعممين  ،وحدثاءالاسنان ،وسفهاء الاحلام من مرضى النفوس ،واصحاب الهوى والجهل  من الذين يتزيون بزينا ،ويتكلمون بلساننا بقصد او بغير قصد. 

ومما يؤسف له ان تصدر  مشهد الاصلاح او هكذا روجوا للناس  علماء السلطان الذين يدورون بفلك الحكام ،والمصالح الشخصية الضيقة،اشباعا لنزواتهم وغرائزهم ،مبتعدين كل البعد عن مصالح الامة وآلامها ، وهمومها ، وآمالها ، مما خلقوا اشكالية مركبة متمثلة بعدم قدرتهم على معالجة أسباب انتكاسة الامة مع تزيينهم الباطل حقا ، والهزيمة نصرا ،والمفسد مصلحا ،والخؤون امينا من جهة ،ومن جهة اخرى كانوا سببا في اهتزاز صورة العالم والمصلح في نفوس جماهير الامة وهذا ما سيلقي بآثاره السلبية على محاولات المخلصين في المستقبل القريب
. 
لذا كان لزاما على العلماء الربانيين من ممارسة دورهم ،وسلطانهم  في نهضة الامة من كبوتها ،والمحافظة على هويتها وعقيدتها ، وبث روح الامل  في شبابها من خلال الثبات على المواقف المصيرية ، مهما بلغت التضحيات ، وعظمت الشدائد والمصاعب . 

وهذا ما فعله امام اهل السنة احمد بن حنبل عندما استطاع تثبيت الناس بموقفه وتجلده ،وصبره على الحق رغم قلة الناصر في فتنة خلق القران التي ابتدعها علماء السلاطين، من معتزلة وغيرهم ،وزينوها للمأمون، الا ان الامام احمد بايمانه الصادق ،ويقينه الراسخ حفظ الله به الامة من الانزلاق الى مهاوي  البدع  ، والضلال ليعلن للاجيال ان سلطان العلماء هو الحاكم للامة وجماهيرها ، والقاضي لاشكالاتها، والمدافع عن حقوقها ،وكيانها ،والجامع لشملها، والمحفز لطاقاتها وامكانياتها، لا سلطان الحاكم او علماء  السلطان ،والامثلة كثيرة في تاريخ حضارتنا ،فالامة في ايام المحن ، والفتن ينهض بها العلماء المصلحون الذين تجردوا عن حظوظ انفسهم،واخلصوا عملهم…

فحاجة الامة اليوم الى من يعيد مجدها ،ويرفع شأنها ،ويحافظ على ثوابتها اكثر من اي وقت مضى،ومن وجهة نظري لا يتحقق ذلك الا بسلطان العلماء من خلال ،حل الاشكالات، وتفكيك المنظومات العبثية التي لبست ثوب الدين زورا ،وبهتانا
. 

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا