البحر الابيض السعودي


د. أحمد رشدي
سياسي وباحث

لم يكتف السعوديون بنوافذهم الحمراء والعربية بل هم الان يسعون فتح نافذة بيضاء متوسطية و السؤال البسيط المعقد .. لماذا؟
قد يبدو للوهلة الاولى أن الملك سلمان وولي ولي عهده الامير محمد بن سلمان يقودون الملف السياسي في المملكة بإستخدام العناد السياسي في محاولة لكسب الصراعات العسكرية في اليمن تحديدا لكن بإعلان الهدنة من طرف واحد ومن ثم تهدئة الاجواء مع مليشيات الحوثي وصالح والمطالبة بجلوس الجميع على طاولة المفاوضات.
 في جنيف تكونت فكرة لدى المهتمين بأن المملكة مستعدة لفتح ملف التعايش بين أطراف الصراع في اليمن لكن بإعدام نمر النمر وماحدث من إعتداء على السفارة السعودية في طهران (علما انها المرة الثانية بعد الهجوم على السفارة السعودية في طهران في عام 1987) و تصريحات السفير السعودي في بغداد أصبح لزاما أن نضع المملكة العربية السعودية في خانة الدولة التي تحاول ملئ الفارغ في الشرق الاوسط من خلال كبح جماح أيران من جهة و العناصر المليشاوية التابعة لها من جهة أخرى.
 لكن هل هذه نهاية القصة أم أن الامر أبعد من ذلك؟خصوصا أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين ايران و الدولة السعودية الثالثة ليس جديدا بل هي المرة الثالثة و منذ نشؤها في عام 1929 .
وهنا يجب أن نسجل براعة السياسة السعودية فما يحدث الان من سجال ايراني سعودي والذي سينعكس بلا أدنى شك الى تحرك سعودي باتجاه التأصيل لتواجد سعودي عسكري في الازمة السورية متذرعا بأهمية ملئ الفراغ السياسي في الشرق الاوسط للمساهمة بانتهاء الازمة السورية من جهة وتوحيد جهود المعارضة السورية من جهة أخرى، وما مناورات (رعد الشمال) قرب الحدود العراقية الا بداية لدخول عربي- اسلامي (سعودي) الى الاراضي السورية وربما اللبنانية لمقاتلة داعش الا البداية الطبيعية لذلك، لكن هل هو المقصد الوحيد ؟
المتابع للشأن الاقتصادي في الشرق الاوسط سيصل الى نتيجة أن إغراق المملكة العربية السعودية للسوق النفطية واحدة من أهم أسباب الازمة الاقتصادية التي تعاني منها دول المنطقة المنتجة للنفط مثل العراق وإيران و أيضا داعش وهنا تاتي براعة السياسة السعودية الاقتصادية، فهي من جهة تحاول خنق ايران و حليفتها العراق اقتصاديا من جهة وفرض ضغط إقتصادي على داعش من أجل اضعافها بشكل كبير من جهة أخرى،وبالتالي ستتفرد المملكة بملف مقاتلة داعش عربيا واسلاميا وسيكون للضربات العسكرية السعودية الاثر الاكبر على هذه المنظمة الارهابية في سبيل إنهائها من المنطقة .
وبالمحصلة كل ذلك سيفتح الباب واسعا أمام منفذ بحري جديد للملكة لكنه هذه المرة أبيض متوسطي وسيكون بمثابة البوابة السعودية بإتجاه سواحل أوربا وعندها سيكثر الحديث عن امكانية تصدير النفط و الغاز السعودي وربما الخليجي الى أوربا مما يضعف السيطرة الروسية على اوربا من خلال تزويدها بمصادر الطاقة، وهنا ستدخل المملكة بشكل مباشر نادي الاقوياء في الشرق الاوسط والمياه الدافئة فكيف سيتصرف المنافسون عندذاك؟





شارك الموضوع

إقرأ أيضًا