طريقة الشيخ علي الطنطاوي في خطبة الجمعة




د. هيثم عبد السلام
أكاديمي وباحث
الجمعة فرض عين حضورها ولا يجوز التخلف عنها إلا لأصحاب الأعذار الشرعية وهي والحمد لله ما زالت تشهد من المسلمين التزاماً عالياً، وأن أي أضعاف أو استخفاف بها لاشك سيصيب الإسلام في مقتله، فالجمعة تجمع مقرر من قبل الشارع لكل المسلمين في وقت معلوم، تناقش فيه قضايا المسلمين ويطرح ما يعتريهم من مشاغل وهموم وصعاب ، وكم ثورة أو مقاومة أو إعلان جهاد كانت بداياتها منابر الجمعة ! يقول الشيخ علي الطنطاوي في ذكرياته 2/66 "كنا ان أردنا أمراً تداعينا إلى صلاة الجمعة في الأموي فإذا، انقضت الصلاة خطب الخطباء، ثم خرجت المظاهرة"، وفي التاريخ الإسلامي صور وشواهد على ذلك كثيرة  وما الربيع العربي الذي كان للجمعة الفضل الأول في حشد الناس ببعيد عنا، كما أن اختيار الشارع وقتا لصلاة الجمعة في وقت الظهيرة أمر يستحق الوقوف عليه ،  لماذا لم تكن صلاة الجمعة في وقت الفجر أو المغرب أو العشاء؟ لماذا كان وقتها وسط النهار؟ لكي يتسنى للناس الحضور بكل سهولة مع شدة اليقظة والانتباه.
وأهمية الجمعة وآثارها مرهون بخطبة الجمعة وما يطرح فيها، وللخطيب دور بارز في جذب المصلين أو تنفيرهم منها وتقليل الرغبة في الحضور إليها، وطول الخطبة تعد أكبر معضلة تتعرض لها صلاة الجمعة.
ولاشك أن الحضور الكبير للمصلين يغري الخطيب في الاطالة فبعض الخطباء يحتج بان الناس لا يأتون إلى المسجد إلا يوم الجمعة فهم يريدون اغتنام الفرصة لذلك يطيلون.
وأفضل طريقة للقضاء على هذا الطول الممل هو سلوك طريقة الشيخ علي الطنطاوي في صلاة الجمعة فقد ذكر في كتابه "فتاوى علي الطنطاوي" الطريقة المثلى لذلك إذ قال "والأولى أن يصنعوا كما كان يصنع شيخنا، الشيخ خالد النقشبندي فقد كان يخطب خطبة قصيرة لا تزيد عن ربع ساعة ثم يقول للناس هذا هو المختصر فمن شاء التوسع فيلقعد بعد الصلاة إلى الدرس أو المحاضرة فإذا انقضت الصلاة بدأ بدرسه المطول فأقبل الناس عليه لا ينصرف غير المريض وذي الحاجة فتكون الفائدة بقعود الناس راضين مختارين أكبر وأعم من جلوسهم ملزمين راغمين".
أما طريقة الشيخ علي الطنطاوي فقد زادت على ذلك تنظيماً إذ قال: "فكنت اتبع هذه الطريقة، وزدت عليها شيئاً جديداً وهو أنني أعلن في أول الشهر وألصق الاعلان على باب المسجد موضوع الخطبة الأولى لكل جمعة ليعرفه المصلون قبل أن يأتوا إلى الصلاة كما يعرفون موضوع كل محاضرة يذهبون لاستماعها أما الخطبة الثانية فأجعلها لبيان حكم الشرع فيما يجد من الأحداث".
وفي هذه الطريقة ما يشوق المستمع ويدفعه للحضور والاستماع باهتمام ولكن الصعوبة تكمن فيمن يمتلك مقدرة وعلمية الشيخ علي الطنطاوي الذي امتلك ناصية العلم وخاض في كل الفنون فيجعل له برنامجاً متكاملاً لمدة شهر سلفاً، ونحن نرى الكثير من الخطباء يتكلمون من غير تحضير أو إعداد جيد للخطبة مما يجعل المصلي يتحسر ويتأسف علىالحضور، ولا يخرج منها بحصيلة سوى إضاعة الوقت .هميأهمية


شارك الموضوع

إقرأ أيضًا