ما هو المطلوب؟


حازم الفلاحي
باحث
 تتزاحم الأحداث و تتعقد يوما بعد بعد يوم ويقف المسلم على مفرق طريقين، إما أن يتعامل معها بمنطق التسليم و القضاء و القدر أو بمنطق المواجهه  لها ، و في هذه الحالة يتطلّب منه أن يكون اكثر فقها لأدوات الصراع و فهم مفاصله و عدم الانجراف في المواجهة دون وجود بوصلة تستند على مدخلات سابقة يؤسس عليها الأرضية التي سينطلق منها و هي مجمل الحوادث و السنن الإلهية التي تضعه في جادة الطريق الصحيحة لمواجهة هذا الأحداث و الأقدار باقدار الله حيث سينظر بموضوعية لكل ما يجري غير مبتعد عن الدافع الذي يمدّه بديمومة المطاولة و غير بعيد عن الأدات و الفقه الواقعي لما يجري في جانب الخصم الذي يخطط له ليصل به إلى مرحلة من الاستكانة و التبعية ومن ثمة لن يسمح له بمكان في الظلّ فضلا عن مكان تحت الشمس..
ما المطلوب إذن؟  أقول: المطلوب بكل بساطة أن نسمي المسميات على حقائقها وان نلبس ثوب المصالح المشتركة مع القوى الكبرى المحلية والإقليمية والعالمية وتقديم الأَوْلَى فالأَولَى على المدى الاستراتيجي ، وان نعد أنفسنا لاعباً مؤثراً في الساحة لا كبشاً مهيأ للذبح حين فرحة الانتصار بينهم ، ليس الوقت للخيالات ولا التصورات أنه وقت المداركة في المشاركة وقت المواصلة لا المفاصلة وقت التخلص من أعباء الماضي والقبول بالمستقبل من خلال خلق مجال فيما بين عناصر التغيير القادم.
 أنا معكم فيما تتصورون من موقفنا الضعيف وحالنا المتردي ، وأننا في أفضل حالاتنا ان استطعنا أن نراوح في مواقعنا لكنا وللأسف ومنذ الحراك الذي أعطى لنا جرعة من الحياة ونفس المواصلة إلى يومنا هذا بين واقف ومتقهقر....
أين نحن ، ومن يمثلنا ، وما هي صورتنا عند من حولنا ، وهل نحن نعي واقع ما حولنا أم نهول ونهون في القوى من حولنا؟! وهل يرضى الله عنا أن ننتظر الذبح بسبب عدم استقراء صحيح لخبث المؤامرة وعملها ، أن التوقع أن حتى كردستان بعد عام من اليوم لن تكون مأوى و ملجأ لأهل السنة لأنهم لا يريدون غزة أخرى قرب قلاع الساحل النفطي الذي يطمحون ، فلنتفكر قليلاً في حجم المؤامرة واكرر لماذا نقبل أن تكون كبش إسماعيل ولسنا كذلك بالأصل ذلك الفداء الذي ان تصالحت عليه القوى المتنافسة فسنكون المأدبة وإن اختلفوا فسنكون المذبحة ؟!؟!
من البديهي أنه لا يستطيع جزء إنقاذ الكل خصوصا وأن المركب ليس فيه قمرة قيادة وكل يحرك الشراع وفق وجهته ، وتلك سمة  كارثية وقعت علينا وهي ان تتصرف كل مؤسسة او هيئة أو فرد بمعزل عن بعضها ليبحث عن حلول تلائمه بغض النظر عن تلك الملائمة هل تضر المجموع أم لا ومدى ضررها .....
وأننا ما دمنا جزءا من كل فأصبح لزاماً علينا أولاً ان نجمع من حولنا لتحقيق غالبية على الأقل في نظر من يطمع في مشاركتنا المصالح ، ثم نظهر حجمنا ومدى تأثيره ، ثم  نتفق مع مؤسسات ذات رغبة وجرأة للبحث عن حلول مناسبة ، بعدها لا يهم من يبتعد لأنه سيكون جزءا صغيرا أما كلّ اجتمع فلا يؤثر ، ولن يؤثر بعد ...
هل حقاً «أنها حرب شيعية صليبية مقدسة على أرض العراق والشام وانتهى..!!!» تساؤل نختلف فيه و نتفق، هنا يبرز هذا التساؤل ويفرض نفسه على العقول هل حقا أنها تلك الحرب التي بشر بها الأنبياء ونزلت صفحاتها في الكتب المقدسة هل حقا أنها إرهاصات لهرمجيدون كما يسميها العهد القديم وأنها معركة آخر الساعة كما سمتها السنة النبوية ؟! فان كانت كذلك فهل نلغي إراداتنا تسليما لتوقعاتنا ونذهب مذهب الجبرية أنها إرادة إلهية وهي حتما جابرة لكل أفعالنا ، ونعلقها بأنها محل رضى الرب العلي القدير ؟!!

اننا ندعي الإيمان بذلك تبريرا لقهرنا وعذراً لعجزنا  وهذا منهج إبليس في تبرير خطيئته فان ادعينا الإيمان وفقهنا المطلوب منا لعلمنا أنَّ على المرء دائما أن يحاول تغيير ما يلمُّ به من خطوب إلى الأفضل وان ينمي ما يمن الله به عليه من نعم فذلك من التحديث بها فان تعلقنا بالخبر لا يجب أن يقل عن تعلقنا بالإرادة والعزم على المداومة أليس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن قَامَت السَّاعَة" أَي الْقِيَامَة "وَفِي يَد أحدكُم فسيلة" نَخْلَة صَغِيرَة ، "فإن اسْتَطَاعَ أَن لَا يقوم" من مَكَانَهُ ، "حَتَّى يغرسها فليغرسها"
  وَأَرَادَ بِقِيَام السَّاعَة ؛ أماراتها ، بِدَلِيل : حَدِيث "إِذا سمع أحدكُم بالدجال ، وَفِي يَده فسيلةٌ ، فليغرسها ، فَإِن للنَّاس عَيْشًا بعد ".
 ومقصوده : الْأَمر بالغرس لمن يَجِيء بعدو ، وَإِن ظَهرت الأشراط وَلم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا الْقَلِيل " [رواه أحمد وصححه الشيخ الألباني]
وسأل أيضاً عليه الصلاة والسلام حين سأل رجل قال : يا رسول الله فيم نعمل ، في شيء خلا أو مضى أو شيء نستأنف الآن ؟ فقال عليه الصلاة والسلام في شيء خلا أو مضى. وسأل عمر ففيم نعمل ؟ فقال عليه السلام :"يا عمر لا يدرك ذاك إلا بالعمل "  قال عمر :إذن نجتهد يا رسول الله.[صحيح ابن حبان]
فليس حجة أنَّنا نعلم أن هذه أحداث من أمر الله تعالى فنسلم لها على غير مراد الله فلزوم أوامر الله تعالى العمل والتوكل على الله بعد الأخذ بكل سبب متوفر أو متاح يقينا منا أنَّ الله أمر أوامرهُ تحذيراً ونهى وزجر تخييراً، لذلك علينا أن نسلك السبل المتوفرة   وان نكون عددا يتم حسابه وعضوا يخشى غيابه وهذا لا يحصل ألا إن أبقينا على أطراف المكون كافة تحت الأداء وفق منظومة ذات تخصص دقيق لا يستغنى عن فرد فيه ويهيأ لما يشد من عضده ويقويه .

والقناعة التي يجب أن تترسخ في أذهان الجميع هي : أن لا دعوة بلا أرض ، ولا أرض بلا مساحة أمان ، ولا أمان بلا شوكة تؤسس لها وتحمي تلك المساحة ، وأرضية أهل السنة أيها الدعاة الناس والبلاد ، ومسؤوليتكم إثبات المقبولية الشمولية في كل الجوانب أمام أنفسكم وأمام المجتمع السني  

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا