المشروع الايراني في المنطقة العربية الجذور والامكانات


المشروع الايراني في المنطقة العربية
الجذور والامكانات  
محمد العراقي
كاتب وباحث
 الجذور
ايران ليست دولة حديثة كبعض الدول ولا بالصغير ولا بالفقيرة، ايران تمتد في التاريخ عميقا ففي يوم ما كانت تتشاطر العالم مع الروم ولها حضارة وقوة وسلطان.
ولهذا فحلم وامنيات اعادة ذلك السلطان والمجد والعز والتغني والزهو به غاية الغايات ذلك السلطان الذي سلبه الاسلام منها لا يفارق اذهان حكام ايران منذ العهد الصفوي – وقبل العهد الصفوي- والى اليوم.
ومن أجل ذلك فقد خاضت ايران - ولا تزال - حروباً وصراعات عديدة منها ما كان ضد الدولة العثمانية - الدولة التي كانت تُمثِّل بشكل واخر دولة أهل السنة والجماعة دولة الخلافة الإسلامية -، ولاقت ايران دعما في حروبها ضد الدولة العثمانية من الصليبيين الذين كانوا يبحثون عمن يؤازرهم في التصدي لمشروع الدولة العثمانية في نشر الاسلام السني في ربوع أوربا وكانوا قاب قوسين او ادنى من تحقيق ذلك لولا تدخل الدولة الصفوية التي كانت كالمنقذ للصليبيين؛ فتوقف الزحف العثماني تجاه أوربا او تلكأ.
وقام الصلبييون من خلال الحكومة البريطانية بتزويد الحكومة الصفوية بما تحتاجه لتكوين جيش نظامي وإنشاء مصنع للسلاح في مدينة أصفهان عاصمة الدولة الصفوية في عهد الشاه عباس الأول (حكم من 989 هـ - 1038هـ) واوكلت بريطانيا قيادة ذلك العمل للأخوين (أنتوني شرلي ورابرت شرلي) ووضعت تحت قيادتهم خمسا وعشرين ضابطاً من الجيش البريطاني؛ لتنظيم العلاقات والتعاون بين الدولة الصفوية والدول الأوروبية؛ لمحاربة الدولة العثمانية!
واستمر هذا التعاون بين الدولة الصفوية وما اعقبها من دول ايرانية كالدولة الأفشارية، القاجارية، والبهلوية وبين الغرب الصليبي، وشهد عهد الحكم البهلوي (1926م - 1979م) تعاونا كبيرا؛ فقد اصبحت إيران قاعدة غربية في المنطقة، وأضحت مصدر خطر وتهديد وارهاب للدول المجاورة لها خاصة وللمنطقة عامة.
ولهذا لم تبخل الدول الاستعمارية فأجزلت لإيران العطاء لدورها في مساندة المشروع الغربي في حربه ضد الدول العربية والاسلامية؛ فقد وهبت ايران إمارة الأحواز العربية، واعطت الضوء الاخضر باحتلال الجزر الإماراتية الثلاثة (طنب الكبرى) و (الصغرى) و (أبو موسى)؛ ولتجعل منها شرطيا في المنطقة يقوم بحماية المصالح والاهداف الغربية.
وهذا مثال؛ فعندما اعلن الكيان الصهيوني عن مشروعه في ارض فلسطين وقيام دولته فيها اعترفت إيران بهذا الكيان الغاصب وسجلت حضورا مبكرا فعدت في أوائل الدول التي قدمت طاقات ورود التهنئة وَمدَّته بالنفط والغاز، وسمحت لليهود الإيرانيين بالهجرة إلى ارض فلسطين؛ لتقديم الخبرات والتطوع في جيش الاحتلال.
ولهذا لم نشهد في ايران ظهور أي حركة احتجاج من الحوزة الدينية الشيعية ولا من المنظومة السياسية الرسمية وغير الرسمية لوجود هذا الكيان الصهيوني اللقيط على أرض فلسطين؛ فكان السكوت هو الموقف الرسمي للحوزة في قم فلا تنديد ولا استنكار ولا مظاهرات ولا فتاوى تستنفر الناس للجهاد ولا دعم مادي ولا معنوي للفلسطينيين.
وايران لا تزال الى اليوم تخوض معاركها لأجل ان تحقق هدفها في بسط النفوذ واعادة المجد الفارسي الضائع وانى لها ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده).
 الامكانات
اولا: جغرافية ايران
تتسم ايران برقعة جغرافية لها اهمية بالغة في العالم الاسلامي والعالمي والجوار العربي خاصة، كما ان رقعة ايران الجغرافية تتسم بالحيوية فهي ارض مفتوحة على البحار، فإيران تشترك في حدودها مع بلدان عدة هي: من الشرق تركمانستان وأفغانستان وباكستان، ومن الغرب العراق، ومن الشمال أرمينيا وأذربيجان وتركيا. كما انها تطل على بحر قزوين من الشمال، وتشترك مع دول الخليج بالخليج العربي من جهة الغرب - وتسميه (الخليج الفارسي) - وقسم كبير من خليج عمان، وتطل على بحر العرب من اقصى الجنوب.
هذه الجغرافية جعلت منها دولة ذات أهمية بالغة في السياسة الدولية، فهي تسيطر على مضيق هرمز ودائمة التهديد بقطعه وغلقه، وهو ما يؤثر على الاقتصاد العالمي فالممر الرئيسي للنفط المصدر من دول الخليج يمر بهذا المضيق.

ثانيا:  السكان واللغة
يبلغ التعداد السكاني للإيرانيين قرابة الثمانين مليون، والشعب الايراني يتكون من قوميات متعددة هي: الفرس والاتراك (الاذريين والتركمان) والأكراد والعرب والبلوش والديلم وهم بالأصل من الفرس والمازندرانيون وهم من الفرس ايضا.
في ايران لغات متعددة الفارسية والتركية والكردية والعربية، الا ان ايران تتخذ من اللغة الفارسية لغة رسمية لها. وتسعى جاهدة لمنع أي لغة اخرى وخاصة العربية، ولهذا سعت منذ اكثر من ثمانين سنة لمنع العرب الاحوازيين من التعلم بلغتهم الام والتحدث بها وفرض الفارسية عليهم بشكل قسري.

ثالثا التركيبة الدينية
اما التركيبة الدينية فايران بلد فتح في عهد الخلفاء الراشدين ودخله الاسلام واعتنقه اهل تلك الديار واصبحوا من أهل السنة والجماعة وظهر منهم كبار الائمة والعلماء، الا ان بقايا الفرس عملوا منذ ذلك اليوم على اعادة الامجاد الفارسية فسعوا لبث الفتن وقامت لهم دول منها الدولة الصفوية التي حولت ايران البلد السني الحنفي الشافعي الى بلد للرفض والتشيع، وتسعى ايران لتشييع أهل السنة بالكامل داخل ايران وعملها قائم على قدم وساق الى يومنا هذا.
الا ان لأهل السنة وجوداً لا يستهان به فهم يشكلون أكثر من عشرين بالمئة، فالترك والكرد والبلوش واغلب العرب من أهل السنة والجماعة، وكذلك هناك سنة من الفرس انفسهم.
كما يوجد يهود ونصارى ومجوس اتباع الديانة المجوسية الزرادشتية وهم اقلية في المجتمع الايراني.
  
رابعا:الشيعة غير الايرانيين:
ولايران عمق في بعض الدول من خلال التواجد الشيعي مثل العراق ولبنان والبحرين واقلية في الكويت والسعودية واليمن وفي افغانستان وباكستان والهند وغيرها من الدول.
وتستخدم ايران هؤلاء كمجندين ومرتزقة لمشروعها الطائفي التوسعي. 

خامسا: الموارد الاقتصادية:
تتمتع ايران بموارد اقتصادية كبرى فاقتصاد إيران هو ثالث أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط والتاسع والعشرون في العالم بحجم 337.9 مليار دولار لسنة(2010) ويعتمد بصفة أساسية على الصادرات من النفط والغاز الطبيعي حيث شكل نسبة 70% من عائدات الحكومة في عام2008.
ولدى إيران قطاع عام قوي حيث يشكل نسبة 60% من الاقتصاد ويدار بطريقة مباشرة ومخطط مركزياً عن طريق الدولة.
ويتميز الاقتصاد الإيراني بعدد كبير من المؤسسات الدينية، والتي لو جمعت ميزانياتها لشكلت نصف الحكومة المركزية.
كما ان اقتصادها الزراعي قد غزى العراق ومنطقة الخليج وكذلك صناعة السيارات فقد انتشرت منتجاتها في كل من سوريا والعراق، بأرقام كبيرة جدا رغم ضعف المتانة والمواصفات.
يصف الايرانيون اقتصادهم
• الرابع في العالم في انتاج النفط.
• الثاني في العالم في مصادر الغاز.
• نال الدرجة العاشرة في صناعة السياحة والدرجة الخامسة في السياحة البيئية.
• أكبر وأكثر حجم للصناعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
• الدرجة الرابعة حتى العاشرة في العالم في إنتاج الزنك والكوبالت.
• نال الدرجة الأعلى في العالم في مصادر الألمنيوم والمنغنيز والنحاس.
• الدرجة الرابعة في العالم من ناحية تنوع منتجات المحاصيل الزراعية.

سادسا: العمق الحضاري والارث التاريخي:
لا يخفى على احد ان ايران تشكل قبل الاسلام احدى الامبراطوريتين الكبيرتين، امبراطورية الروم وفارس، فهي دولة من الدول الحضارية الكبرى ولها تاريخ تعتز به وتفتخر وتنظر اليه بإعجاب وحسرة وتسعى لإعادته فقد كانت تحكم العراق واليمن وعمان والبحرين، وكانت تحتقر العرب وتزدريهم وتستخدمهم كعبيد.
ومدينة المدائن وطاق كسرى غرب بغداد شاهد على ذلك فمن هذا المكان حكمت العراق وادارة باقي الامبراطورية الفارسية لقرون.
ولايران مواقع تاريخية تصف تعاقب عدد من الحضارات على مر الزمن، ولها ستة عشر موقعاً مصنفا من اليونسكو على أنه إرث تاريخي عالمي على غرار باسرغاد وبرسبوليس وتحتويان على أثار مدن قديمة. فضلا عن مدينتي الري وشوشان التاريخيتين. وتحتوي هذه الأخيرة، على العديد من الأثار كجامع النبي دانيال وزقورة چغازنبيل وقصر داريوس الأول.
       وايران لا تستطيع ان تنسى كل هذا بل هي تسعى لأجل احيائه وتذكر به ابناءها ليل نهار به، فتجد في المناهج الدراسية احتقار وازدراء للعراب ليس له مثيل ومن زار ايران وتعامل مع عامة الناس يدرك طبيعة النظرة الايرانية للمواطن العربي الذي يعتبرونه معتدي عليهم وكاسر لدولتهم.




شارك الموضوع

إقرأ أيضًا