إلا تنصروه فقد نصره الله



د. عبد العزيز الجميلي
اكاديمي وباحث

في كل زمان وفي كل مكان توجد الصراعات، وتكون مختلفة الأشكال والأحجام والأغراض، فمنها ما يكون بين أهل الحق وبين أهل الباطل، وهذا هو معظم الصراع وأكثره استمرارية،  ومنها ما يكون بين أهل الباطل وبين أهل الباطل،  ومنها ما يكون بين أهل الحق وبين أهل الحق، وهذان النوعان الأخيران من الصراع غالبا ما يكونان من أجل مصالح ومكتسبات، وأما صراع الحق مع الباطل فهو دائم ومستمر، ذلك لأنه يقوم على أساس الفكر والعقيدة، وهاتان القضيتان تنطوي ورائهما كل اسباب الصراع.
فالتاريخ حافل بنماذج الصراع بين الحق والباطل وفي كل مستوياته، والقرآن الكريم يسجل لنا نماذج كثيرة منه وفي كل انواعه وأشكاله ومستوياته، وكيف أن الله تبارك وتعالى يؤيد الحق وأهله وينصرهم على الباطل وأهله ولأن المجال لا يتسع هنا  فسأتناول أربعة نماذج من الصراع بين الحق والباطل:
الأنموذج الأول: نبي الله نوح عليه السلام
لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما يدعوهم الى الله، قال تعالى:
(( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً )) (14 العنكبوت)
واتخذ معهم كل الوسائل والطرق للدعوة قال تعالى:
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً (9). سورة نوح. 
ومع هذا كله فلم يستجيبوا له ولم  يؤمنوا به، بل سخروا منه وآذوه، ورغم هذا الوقت الطويل من الدعوة والصبر والتحمل بلغ بهم التعنت ان يتواصوا فيما بينهم ويوصوا ابنائهم وأحفادهم بأن لا يؤمنوا به ولا يصدقوا بدعوته بل ان زوجته وابنه لم يؤمنا به، قال تعالى:
((وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37). )) هود 
وهنا ومع هذا الشكل من الصراع يأتي تأييد الله ونصره لنبيه ومن آمن معه، وما آمن معه الا قليل، فينجيهم الله على فلك يصنعها نوح عليه السلام، ويأتي الله بفيضان يغرق الكرة الأرضية ويغمرها كلها حتى الجبال، فمن كان يصدق أو يتخيل أن الكرة الأرضية يعمها الطوفان ولا ينجو منه الا نوح ومن آمن معه، وما آمن معه الا قليل

 الأنموذج الثاني: نبي الله ابراهيم عليه السلام
كان فتى يافعا اختاره الله وتعهده بالرعاية الإلهية، فرأى انحراف قومه في عبادتهم فاعترض عليهم، وعندما اصر على ما عرف من الحق، بدأ الصراع مع قومه الى ان وصل الأمر الى يوقدوا له نارا ليحرقوه بها، ولنا ان نتصور وقوف دولة وملكها بوجه هذا الفتى، فتخلى عنه الناس حتى اقربهم اليه، فَرُمِيَ به في النار التي وصل لهيبها الى عنان السماء، وهنا يأتي مدد الله تعالى لعباده المؤمنين الصادقين، فيأمر الله تعالى النارَ فتتعطل قوانينها في الاحراق بأن تكون بردا وسلاما، فمن كان يصدق أو يتخيل أن النار المضطرمة والتي لم يستطيعوا ان يقتربوا منها لإلقاء الفتى ابراهيم الا عن بُعْدٍ وبواسطة المنجنيق، يتعطل احراقها وتكون عليه بردا وسلاما.
الأنموذج الثالث: نبي الله موسى عليه السلام
طفل يتهدده الموت قبل ولادته وبعد ولادته من قِبَلِ اكبر طاغية في ذلك الزمان، وذلك باستخفاف قومه واستعباد بني اسرائيل، يقول الله تعالى: (( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )). القصص آية 4.
يولد هذا الطفل من القوم المستضعفين، وأمام البحث عن المولود الجديد لكي يقتله ذلك الطاغية المفسد، تحتار امه كيف تخبئه وأين تذهب به؟.. واستخبارات فرعون في كل مكان، ورغم شدة هذا الابتلاء على أم موسى يأتيها إلهام الله تعالى بأن تقوم بفعل في ظاهره من المجازفة ومن المغامرة مالا يتحمله اقوى القلوب من البشر، فما بالك بقلب أم تفعل هذا برضيعها الوليد؟.
يقول الله تعالى: ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)). القصص آية 7.
وتستمر العناية الإلهية لموسى ليحفظه الله تعالى من كيد فرعون بصناعة ربانية منقطعة النظير:
              وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نَـمْ فالحوادث كلّهن أمان


يقول الله تعالى:
(( إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ ۖ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ۚ ..... (40). )) طه
تضعه أمه في صندوق وتلقيه في البحر ويأخذه البحر وتتقاذفه الأمواج لتلقي بالصندوق أمام قصر فرعون الذي يبحث عن ذكور بني اسرائيل ليقتلهم، فيلقي الله المحبة على الوليد الرضيع، ليحبه كل من يراه من بيت فرعون. 
أن فرعون لما رآه هم بقتله خوفاً من أن يكون من بني إسرائيل فشرعت امرأته آسية بنت مزاحم تخاصم عنه وتذب دونه وتحببه إلى فرعون، قال تعالى:
(( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )) القصص آية 9      
ويحيطه الله بعنايته فيحرم عليه المراضع لكي يرده الى أمه كما وعدها وتقر عينها ولا تحزن، وتزداد يقينا بالله تعالى، وأنه اذا اراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون، قال الله تعالى:
(( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ )). القصص آية 12.
وهكذا كانت ارادة الله في ان ينجي موسى من فرعون الذي كان يقتل الأطفال الذكور من بني اسرائيل، وليس هذا فحسب وإنما ليرده الى أمه لترضعه وتأخذ على ارضاعه الأجور والهبات من فرعون عدو بني اسرائيل اللدود ، قال الله تعالى:
(( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47).)) ابراهيم
فيترعرع موسى و يكبر في قصر فرعون. وبعد ان يكلف الله موسى بالرسالة ويأمره بالذهاب الى فرعون ليدعوه الى عبادة الله تعالى، يستغرب فرعون من هذا الذى رباه وليدا في بيته، كيف يتجرأ على مثل هذا الأمر، يقول الله تعالى:

 (( قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ)) الشعراء، آية: 18  
ومن هنا يبدأ الصراع بين الحق والباطل، قال تعالى:
(( قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)). الشعراء آية: 29
ويستمر الصراع على أشده بين الجانبين، فيستخدم فرعون منطق القوة والغطرسة وهذا هو منطق كل الطغاة والظالمين في كل زمان ومكان، بينما يستخدم موسى منطق الحوار والدليل والبرهان وهذا هو شأن الدعاة الى الله والمصلحين في كل زمان ومكان، وينقل لنا القرآن صورة الصراع، يقول تعالى:
(( قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33). )) الشعراء.
لكن فرعون حاول ان يوظف هذا الانهزام أمام براهين الحق ليوجه رأي الناس الى جانب آخر بعيدا عن الحق الذي مع موسى، يقول الله تعالى:
(( قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35). )) الشعراء .
ويستمر الصراع الى ان يعجز فرعون عن أن يأتي بما يقنع مواطنيه بما عنده من الباطل، فيوجه انظارهم الى ان موسى يريد ان يهدد أمن البلد ولا بد من القضاء عليهم، يقول الله تعالى:
(( فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56). )) الشعراء.
وجمع فرعون جيشا جرارا وتبع موسى ومن آمن معه باتجاه البحر فلما وصل اصحاب موسى الى البحر وفرعون يتبعهم، ولا يوجد جسر ولا توجد عندهم سفن ولا قوارب ، واقترب جيش فرعون منهم، هنا يأتي التأييد الإلهي لعباده المؤمنين بعد أن استنفذوا كل الأسباب المادية، فينقل لنا القرآن صورة المعركة وصورة الصبر والثقة بنصر الله تعالى، يقول الله تعالى:
(( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63). )) الشعراء .
فمن كان يصدق أو يتخيل أن قوانين الماء ستتعطل، وأن البحر سينشق عن طريق يابس ، وأن الماء سيتوقف عن انسيابيته  وفق قوانين السوائل، من أجل ان ينجي الله الذين آمنوا ويغرق الظالمين؟.
ونجى الله موسى ومن معه، وأغرق الله فرعون وجنوده ليكونوا عبرة للعالمين.
الأنموذج الرابع: النبي محمد وسلم
لقد تولى الله سبحانه وتعالى رعاية المولود الكريم صلى الله عليه وسلم فهيأ له من يرعاه  فتولت أمه حضانته ورعايته حتى السادسة ثم كفله جده حتى الثامنة ثم رعاه وحماه عمه أبو طالب مدة أربعين سنة، فلما مات عمه أبو طالب قام عمه العباس رضي الله عنه بنصره وتأييده، يقول الله تعالى:
(( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8).)) الضحى
ومن يتتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يحس بأن رعاية الله عز وجل كانت تحفه وتحفظه، وتعلمه وتؤدبه، وتوقره وتأمر العالم كله باحترامه. 
واجتمع لرسول صلى الله عليه وسلم من خلق التواضع والحياء والإيثار وهو في مركز القيادة ما لم يجتمع لأحد فقد كان يعيش زاهدا بزخارف الحياة ولذائذها ويجلس حيث ينتهي به المجلس، ولا يتميز على أحد من الصحابة  في المظهر والملبس، ولقد حافظ رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأخلاق المثالية حتى في أشد الظروف حين أخرج من بلده وتآمر عليه القوم ليقتلوه يوم الهجرة فقد رد عليهم ما كان عنده من الأمانات.
رغم التاريخ المضيء ورغم هذه الاخلاق التي اتصف بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أمعن المشركون في ايذائه وإيذاء أصحابه رضي الله عنهم، وبالغوا في ذلك الى الحد الذي دفعهم الى أن يجمعوا من كل قبيلة فارسا ليقتلوه ولكي يضيع دمه بين القبائل. وهنا يشتد الصراع بين الحق والباطل وتتجلى الرعاية الربانية للمؤمنين بأوضح صورها، فيخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بين من وقفوا يرقبونه ليقتلوه ولم يروه، وليس هذا فحسب، وانما نثر صلى الله عليه وسلم على رؤوسهم التراب وقد وصف البرعي ذلك:
 و قريشُ إذْ عزمَ الرحيلَ مهاجراً       ملئوا المسالكَ راصداً ومشاجراً 
  فمضى لحاجتهِ ولمْ يرَ حاجراً        و القومُ يقظى والبصائرُ نومُ 
  نثرَ الترابَ على رؤوسِ الحسدِ     و سرى وقدْ وقفوا لهُ بالمرصدِ 
   قولوا لأعمى العينِ مغلولَ اليدِ     أنفُ الشقيِّ ببغضِ أحمدَ مرغمُ
ثم استمرت الرعاية الإلهية في هذه الرحلة وذلك بعدم رؤيتهم له وهو في غار حراء، وغوص رجلي فرس سراقة و مروره بخيمة أم معبَد وبعبد الله بن مسعود وهو يرعى غنم وكيف كان مباركا في هذا المرور.
واستمرت هذه الرعاية في الصراعات التي استمرت معه من قبل المشركين وتأييد الله له في كل غزواته ومعاركه والسيرة حافلة بمعجزاته صلى الله عليه وسلم وإخباره بأن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز وبذل ذليل، ولكن لابد من الأخذ بالأسباب وحسن الظن بالله والصبر والتحمل وأن الله ينصر من ينصره، فالله تعالى يعلمنا ان المبادئ العظيمة عندما يحملها أهلها ويتحملوا من أجلها كل الصعاب ويحملوها الى المجتمعات فإن هذا هو أصل الانتصار وروحه ومصدر إلهامه، كما قرر الله تعالى ان النبي صلى الله عليه وسلم رغم انه كان مطاردا ورغم هجرته سرا، فإن نجاحه في إيصال هذه المبادئ الى اناس يؤمنون بها ويدافعون عنها ويبذلون من أجلها كل شيء حتى المهج، قرر ان ذلك هو الانتصار، يقول الله تعالى:
(( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) التوبة آية 40.
من كل ما سبق يتبين لنا ان اصحاب الدعوات الصادقة لم ولن ينهزموا أمام جعجعة الباطل وانتفاشته، لأنهم واثقون وموقنون بأن الله لن يتخلى عنهم، وأن النصر من عند الله
(( إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ )). آل عمران آية 190. 
وهذا واضح من الصور التي ذكرناها في النماذج الأربع للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وفي التاريخ قصص مضيئة للثبات الذي كلله الله بنصر أهل الحق على أهل الباطل، فإنه لا يأس مع الإيمان ولا إيمان مع اليأس .




شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

2 التعليقات

التعليقات
1 يناير 2016 في 7:16 ص حذف

السلام عليكم مقال رائع جزاك الله خيرا ولكن كنت اتمنى ان اجد مسمى لكل حال من احوال الدعوة التي مثلت لها وطريقة تجاوز العقبات ومنها كيف يتجاوز الداعية حالة عدم الاستجابة له.....
جزاك الله خير امتعتنا وكتبت واجدت

رد
avatar
1 يناير 2016 في 7:18 ص حذف

السلام عليكم مقال رائع جزاك الله خيرا ولكن كنت اتمنى ان اجد مسمى لكل حال من احوال الدعوة التي مثلت لها وطريقة تجاوز العقبات ومنها كيف يتجاوز الداعية حالة عدم الاستجابة له.....
جزاك الله خير امتعتنا وكتبت واجدت

رد
avatar