القادة .. وفن صناعة المواقف والافعال


مسلم العز الدين
كاتب وباحث
كثيرا ما راجعت ذلك الحوار المشهور بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ذلك الصحابي الذي جاء يشكو الى رسول الله حال المسلمين في مكة وما تعرضوا له من التنكيل والتعذيب قائلاً: 
يارسول الله .. الا تستنصر لنا ، الا تدعو لنا ، فتظهر علامات الغضب على وجه رسول الله ويجيبه قائلاً : 
اما انه كان في الامم قبلكم يؤتى بالرجل فيوضع المنشار على راسه فيفرق نصفين ، لا يرده ذلك عن دينه ، فوالله ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنهاء الى حضر موت لا يخاف الا الله والذئب على غنمه ، ولكنكم قوم تستعجلون ..
دائما ما تسائلت ماسبب غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالصحابي لم يكفر ولم يرتكب اثما على ظاهر الامر ... ولم يكن من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يضيق بسائل ... وبعد مرات ومرات من التفكر لم اجد في فعل الصحابي  ذنيا يحاسب عليه من ذنوب العبادات او المعاملات ... لكن رسول الله أراد ان ينبه الصحابي والامة الى ذنب اخطر واثم اكبر .. انه ذنب حضاري.. انه ذنب الوقوع في (فخ ردود الافعال) .. 
فالقادة العظام دائما مايوجهون اتباعهم الى صناعة المواقف وعدم الانجرار وراء اثم ردة الفعل .. انه يعلم الامة مبادئ صناعة الفعل والموقف ...
ومن هذه المبادئ:
1_ المبادرة او المبادئة كمايسميها اصحاب العلوم العسكرية ... ان تسبق عدوك على الاقل بخطوة ان تجبره على تتبع افعالك والتعامل معها بردة فعل تتوقعها انت او تسوقه اليها سوقاً .
2 _ التحمل والثبات عند صناعة الموقف لانك بالتأكيد ستدفع ثمناً معيناً عند صناعه الفعل لكنه في كل الاحول سيكون اقل كن الثمن الذي تدفعه عند الوقوع في تلك الخطيئة الحضارية
3 _الرؤية المستقبلية الواضحة والمرشدة لمستقبل عملك وافعالك ودورك ومؤسستك ودعوتك ومشروعك تلك الرؤية التي ستبين لك الطريق وتمنحك الثقة المطلقه بالنجاح وتساعدك على تحمل الاثمان التي ستدفعها في طريق صناعة المواقف 
4 _ الصبر وعدم الاستعجال وانتظار نضوج الموقف بشكل كامل حتى تسقط ثمرته الى فيك وتستمتع به فالثمار غير الناضجة سيؤدي بمشروعك الى هاوية الفشل فلا جاع لاستعجال الامور قبل اوانها خوفاً من حرمانها  .
ان العبقرية النبوية تجلت في هذا الموقف لتبين للصحابي طريقة بناء الحضارة وتجنب ارتكاب الخطايا الحضارية ..
فإذا كانت الذنوب الاعتيادية تذهب نور القلب ...فإن الذنوب الحضارية تذهب من الامم نور الحضارة .
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا ..





شارك الموضوع

إقرأ أيضًا