أزمة فهم الأحداث عند الحركات الإسلامية


د. أحمد هاشم
أكاديمي وباحث
لا يزال الجدل قائما بين الحركات الإسلامية لا سيما الفاعلة منها على الساحة، سواء أكان على الصعيد التربوي ام السياسي ام العسكري عن صدمة النتائج التي يجنونها من أعمالهم المنطلقة من الوحي المعصوم -على حد قولهم- المتناقضة مع النتائج القرآنية والنبوية.
فالنصوص الشرعية -كما ينظر لها مفكرو الحركات الإسلامية- ماهي إلا قوانين مختلفة المجالات تقوم على مقدمات اختارها الشارع الحكيم لتؤدي بالضرورة الى النتائج الموعودة التي وعد الله بها من أخذها وأحسن استثمارها، الا ان صدمة التناقض بين المقدمات والنتائج تبقى السؤال المعلق الذي تحار أمامه كبرى عقول العاملين في الحقل الاسلامي.
وأصل هذا التناقض هو (تبني المشاريع قبل اكتشاف لوازمها مسبقا من القرآن) ومعرفة الطريقة الصحيحة التي أرشد الى تبنيها والانطلاق منها، وهو ما جعل كثير من الإسلاميين يعانون من الارتباك في تصوراتهم والتخبط في معالجتهم للمستجدات، فعكست الموازنة عندهم بجعل الأحداث هي الحاكمة على القرآن، في حين أن المنهج الرباني يقضي أن يكون القرآن هو الحاكم عليها، مبينا أسبابها ونتائجها، وطرق معالجتها وإصلاحها.
فغدا بعض الإسلاميين يستدل على فشله بالقرآن والأحاديث، ويسرد لك قصص الابتلاء وفوائده، بل تعدى الأمر ليجعل من فشله مرحلة تزكية، يستدل بها على صوابية خطأه، وان الابتلاء الذي نزل عليه وعلى اتباعه مرحلة تسبق التمكين!،
ولو رفع راسه وتعدى نظره موضع قدميه لعلم أن الذي وقع عليه لا يفسر إلا في إطار سوء تعامله مع السنن الكونية التي أودعها الله في كتابه، والتوجيهات النبوية التي فسرتها، وعمل الصحابة الذي ترجمها.
إن الله عز وجل أورد للمسلمين في القران سننا وضوابطا للتعامل مع الأحداث، فهما وإصلاحا، وأودع فيه نواميس تحكم الأمم لا تختلف ولا تتبدل، فاذا ما اتبع القائمون على الحركات الإسلامية ما أورده القرآن في هذا الصدد من مقدمات في تفسير الحوادث، وأدركوا المنهج الرباني في معالجة الواقع، تكشفت لهم الحكمة من وراء المجريات قبل وقوعها، وتبينت لهم الاهداف من وراء الوقائع، واطمأنوا الى النتائج الربانية الموعودة، وترفعوا عن المراهقات الفكرية التي تصور لهم أن النصر والتمكين من حقهم مادام خصمهم علماني الفكر-علما أن بعض العلمانيين أفقه منهم بالسنن الكونية-.
إن القرآن الكريم كتاب نور وهداية، الغرض منه توجيه المسلم في تعامله مع الكون بكل ما فيه من أحداث وتدافع تستلزم من المسلم أن يكون له منهج مستقيم يرى من خلاله حقائق الأمور، ومن دون ذلك المنهج الرباني تبقى جماهير الحركة الإسلامية تدور حول تفسيرات مغلوطة قد تصل بهم في نهاية المطاف الى الانهيار..



شارك الموضوع

إقرأ أيضًا