هل حقاّ نحتاج اليوم الى عمر ؟

هل حقاّ نحتاج اليوم الى عمر ؟
رضا الحديثي
باحث وكاتب

صدح " احمد مطر "  يوماً بوجه المستغيثين بصلاح الدين الايوبي قائلا لهم :
"دعوا صلاح الدين في ترابه واحترموا سكونه ،
لأنه لو قام حقا بينكم فسوف تقتلونه"
وبقيت كلماته هذه تصرخ في عقولنا لعلنا ندرك ضيقها ... !
هل حقاً أن نجاتنا تبدأ بصلاح الدين ، هل دعواتنا ان يظهر عمر جديد ليعيد للأمة مجدها هو منطق  صحيح وفكرة تقوم على فهم صائب لحقيقة الحياة وفقه التغيير  !!!!
من قال ان الامة تحتاج اليوم الى عمر ..!!!!!
قد يكون احتياجها اليوم الى سيدنا ابي بكر  وفقه الرحمة  ..
او قد يكون احتياجها الى  سيدنا الحسن بن علي  وفقه الصلح ..
او أن إحتياجها  لفقه مصعب  في جمع قلوب الاوس والخزرج  على كتاب الله ليعودوا بعد عام فيبايعوا بيعة النصرة وحرب الاحمر والاسود
يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت الأمة في صدمة ، لم يحتملها كثير من الصحابة الكرام  ، ففقدان الوحي برشده ، والقيادة بحكمتها ، والمربي بإلهامه  ، لم يكن بالأمر الهين  على الأمة .
وشاء الله بقدره وبرحمته وحكمته أن يكون القائد للأمة بعد مرحلة التأسيس قائدا رحيما ، يعوض  في القلوب بعضا  مما تحتاجه  الأمة وهي تفتقد رحمة النبي صلى الله عليه وسلم الذي وصف الله قيادته للأمةبقوله  " بالمؤمنين رؤوف رحيم " .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار للأمة لهذه الميّزة التي يحملها سيدنا الصديق ، يوم قال " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر "  ، ففي هذا الحديث إشارة لعلاقة ابي بكر بالامة ، فلم يقل عليه الصلاة والسلام " ارحم امتي ابو بكر " ، ولهذا كانت قيادة ابي بكر لتلك المرحلة قيادة لايقوم مقامها قيادة أخرى ، قيادة تحتاجها الأمة ولا تقوم مقامها قيادة أخرى .
ويوم توفي الصديق رضي الله عنه ، وقد تجاوزت الأمة صدمة فقدان نبيها صلى الله عليه وسلم ، وتجاوزت مرحلة حروب الردة  ، وآن للدولة  ان تقوم بمؤسساتها  وأن تنهض  بواجباتها ، قدّر الله للأمة من  يستطيع أن ينهض بهذه الاعباء  ، فالآن مرحلة أخرى ، مرحلة الجد والعمل والانجاز وبناء المؤسسات بنظام الجودة والدقة والمحاسبة  ، قال عليه الصلاة والسلام " وأشدهم في الحق عمر " وقال في ذكره لرؤيا رآها " بينا انا على بئرٍ أنزع منها، إذ جاء أبو بكر وعمر، فأخذ أبو بكر الدّلو، فنزع ذنوباً، أو ذنوبين ، ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر، فاستحالت في يده غرباً ، فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريَه حتى ضرب الناس بعطن" دلالةً على عظم إنجازه وقوته .
لكن سيدنا عمر لم يكن هو  ولا سيدنا ابا بكرا  القيادة الأمثل في " ذات السلاسل " بل كان سيدنا عمرو بن العاص هو قائد المرحلة  ، حتى قال سيدنا ابو بكر لعمر لما إعترض على أمر  إيقاد النار  "دعه يا عمر فإن رسول الله لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب" "
وهكذا هي القيادة ، كما يسميها علماء الأدارة  اليوم " قيادة موقفية " ، فليس هناك قائد لكل المواقف ولكل الازمان  والازمان ، بل كل موقف له قائده ، وكل حال تحتاج قيادة من نوع خاص ، ووضع الشئ  في غير محله  ظلم ، وإختيار قائد  لغير مرحلته جور .
والأمة لايكون بدؤها بصلاح الدين ، بل تختم به ، كما أن الأمة لا تحتاج عمر في مرحلة ضياعها ، بل في مرحلة إستقرارها ، والأمة لاتحتاج ابا بكر في مرحلة غياب المنهج بل في مرحلة الحفاظ عليه .
ما تحتاجه الأمة اليوم  هي قيادة أقرب لقيادة " مصعب  " التي أذابت الخلافات  اليثربية ، وألهمت القلوب  بالقرآن ، و صلّت بالناس كلهم خلفها ، لتثمر قيادته جيل البيعة الثانية ، الذين بايعوا على النصرة  وحمل الراية  يوم  أعلنوا أما م سيد الخلق " ابسط يدك يا رسول الله لنبايعك" فيكونوا انصار الدين وحماته والمدافعين عنه .


شارك الموضوع

إقرأ أيضًا