القائد بين (الأنا) وتحقيق الأهداف


 القائد بين (الأنا) وتحقيق الأهداف
مسلم احمد العز الدين
كاتب ومدرب

     في احدى الدورات التدريبية التي حضرتها والتي تخص الاعداد القيادي قال المدرب : ((اذا ركز القائد على ما يريد لم يحصل على ما يريد)) ... تعجبت !! وسألته  كيف يكون ذلك ،فاخبرني ان القائد اذا ركز على طموحاته الشخصية دون النظر الى اهداف الجماعة سيعرض مركزه كقائد لخطر كبير وبالتالي سيفقد مركزه من حيث انه ظن انه سيعزز ذلك المركز ... وبالرغم من أنني ارى ركة واضحة في العبارة .. إلا انني اعترف ان معناها الذي شرحة الاخ المدرب صحيح
       وطمح عندها الخيال التأريخي في رأسي ليحضر جلسة كتابة صلح الحديبية ... لقد اعطى الرسول صلى الله عليه وسلم درساً بليغا لهذه الامة في مسألة تنازل القائد عن الشكليات المتعلقة بـ (الأنا) في سبيل تحقيق أهداف الجماعة .
      لقد تنازل النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة لفظ البسملة عند اعتراض مفاوض قريش عليها فمحاها من صحيفة المعاهدة وكذلك حذف لفظ الرسالة وصفة الرسول عن نفسه واكتفى بالاسم المجرد له ولوالده , كل ذلك من اجل اتمام هذه المعاهدة وتحقيق الاهداف العامة التي يقود الجماعة لتحقيقها , لقد جاءت معاهده الحديبية خالية من الألقاب .. مليئة بتحقيق الاهداف .
        ولا اعرف - لو أن الرسول (عليه السلام) أصر على كتابة اسمه باللقب النبوي ولم يتم الصلح -  لا اعرف لو لم تبرم هذه المعاهدة هل كنا سنقرأ في كتب التاريخ عن فتح مكة بالصورة التي نعرفها اليوم .
       ان القيادة بأبسط معانيها تعني تحريك الاتباع نحو الهدف , وهي بهذا المعنى ابعد ما تكون عن التمسك بحظوظ النفس والاعجاب بالنفس ومحاولة تضخيمها على حساب الجماعة حتى تُختصر اهداف الجماعة بشهوات القائد ، وطموحات الناس بملذات القائد ، وحاجات العباد والبلاد بهوى نفس القائد . لقد قرأنا وسمعنا عن نماذج قيادية عالمية موجوده اليوم استلمت زمام الحكم في بلد يعاني من ازمات اقتصادية وسياسية واجتماعية تكاد تهدد البلد بالانهيار .. فاتبعت هذه النماذج سياسة تذويب (الأنا) والتركيز على تحقيق اهداف الشعب ، فليست الاهمية للقصور او الأرصدة المالية العملاقة ، بل الاهمية للحقوق التي يجب ان يتمتع بها الشعب ، والخدمات التي يجب ان توفر للشعب ، والاهداف التي يريد تحقيقها الشعب. وما هي إلا سنوات حتى قفزت تلك البلدان من فخاخ الازمات لتدخل ميدان التنافس العالمي وتطرح نفسها كأرقام عالمية صعبة يحسب لها حساب واصبح ابناء شعوبنا يتمنون فرصة الاقامة والجنسية فيها , بينما نشاهد قادة شعوبنا اليوم وقد اهمتهم انفسهم فالأولوية لها والصدارة لها والثمار تجنى من اجلها ، واهداف الشعوب مسيبه وحقوقهم مهضومة وكرامتهم مهدورة .
       بين هذا النموذج وذاك تتضح الصورة ، فالقائد الحقيقي الذي يريد ان يبقى قائدا لقلوب الناس وعقولهم عليه ان يذبح انانيته على مذبح اهداف المجموع ... ومن اراد ان يذبح قيادته للناس ما عليه فقط سوى ان يتبع الخيال ...




شارك الموضوع

إقرأ أيضًا