هوية المواجهة

هوية المواجهة
د. أسامة التكريتي
سياسي وكاتب
                                                                                         
نحن في مرحلة من التأريخ حاسمة، وفي معركة حامية الوطيس عزّ نظيرها، وفي مواجهة متعددة الطراف متنوعة المقاصد. نكون او لا نكون.
وعندما تكون المعركة بهذه الخطورة فان الانسان يستنفر كل ما لديه من قدرات ويستحضر كل ما له من رصيد، كذلك الامم والشعوب ، عندما يكون التحدي وينحسم الخيار، الشعب المهزوم والامة المغلوبة ليس لها مكان في صفحات العزة والفخار، ولن يقوم لها قائم الا ان يشاء الله، وستكون مطمعا لكل طامع، وستدك ارضها وكرامتها سنابك خيول الاعداء .
تلك سنة التدافع منذ ان أوجد الله الخليقة: منتصر ومغلوب، وليس النصر وليست الهزيمة الا وفق سنن وقوانين لا تتخلف ، (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ).
ولقد كان النصر حليف امتنا عبر قرون ولقد كانت لها هيبة وعزة ومنعة، ولقد كانت العقيدة أمضى أسلحة النصر وأول مفاتيحه، ومن آثارها: وحدة الصف ووضوح الهدف وحسن الاستعداد .
وكانت الرسالة ربانية المنطلق ، ربانية المقصد ربانية الهدف والمسير، وكان الهدف ان يستقيم الامر على الطاعة لبارئ الكون ومدبره، وان تكون الحياة الانسانية وفق سننه التي جعلها معالم لمن شاء ان يمضي راشدا مهديا.
تلك هوية الذين يقاتلون في معركة الحسم والمصير، ولقد ادرك الناس ان الله يدافع عن الذين آمنوا، وان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم، لذلك انكسرت شوكة اعداء الله رغم العدة والعدد  وولوا الأدبار.
ما أشبه الليلة بالبارحة، نحن اليوم في حرب ضروس ومفاصلة، حركتنا الاسلامية في شرق المعمورة وغربها ، في شمالها وجنوبها في حرب معلنة ومواجهة شرسة، لقد اجتمع عليها القاصي والداني والقريب والغريب ، هدفهم ان لا تقوم لنا حملة هذا الدين قائمة، سخروا من اجل ذلك كل شياطينهم، وجمعوا لحربنا  المتناقضات: فالروسي والأمريكي يتحالفان !! والصهيوني وولي الفقيه الفارسي يتعاهدان !! وأذناب هؤلاء وأولئك وصنائعهم  من قادة واتباع, يريدون لحركتنا الاسلامية ان تجتث من فوق الارض، فلا يبقى لها اتباع ولا دعاة ولا اثر !!
يطربون لداعي الإلحاد والفساد، ويصنعون لنا في كل يوم فصلا تآمريّا هزيلا محزنا، فالقاعدة حاضنتها ايران برعاية أمريكية، وداعش صنيعة مخابرات دولية تريد امة الاسلام وراية لا اله الا الله ان تسقط وتتلوث، والحشود والأحزاب تتحرك بايعاز من الطواغيت، تريد السوء بحملة هذا الدين، الدين الوسط والامة الوسط، حتى لايبقى الا التطرف المقيت والتعصب المزدرى الذي يأباه الدين القويم.
وما ادركوا أن الله (لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ)...  (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا).. وما علموا أن (اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا).. وما دروا أن الحرب التي يشنونها انما هي حرب مع الله.. وأن في صفنا أولياء لله نذروا أنفسهم وما يملكون من أجل الله ومن اجل نصرة الدين.. وأطلقوها صريحة مدوية هي لله ... هي لله..
وان الله تعالى قد اعلنها صيحة ورسالة يسمعها كل عاقل: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ) [متفق عليه]
والمتورط فيها خاسر لامحالة.
كلمتنا لابناء جلدتنا واهلنا الذين اغراهم ظاهر ضعفنا، وتمكن اعدائنا ان لا ينخدعوا فينحازوا لصف اعدائنا، فإنها والله خسارة الدنيا والآخرة، واننا مشفقون عليهم من يوم مثل يوم الاحزاب، وما اصحاب الفيل عنهم ببعيد، ونذكرهم بيوم (تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) يوم ترى المجرمين يومئذ (مُّقَرَّنِينَ  فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ)
ولا يغرنكم مايرفعه المضللون والجهلة الغافلون من شعارات خداعة، انهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها، فليحذر الذين يخالفون عن امره، وليتوبوا قبل ان لا تكون توبة.
وأما أنتم ياحماة الإسلام حقا فاعلموا أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أسامة التكريتي
١/٣/٢٠١٦

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا