إشارات على الطريق


عبد الله الراوي 
باحث

ابتداء لن اقف على ايجابيات الجماعات الاسلامية والتي كان لها الاثر الواضح والدور
الكبير في الدفاع عن هذا الدين والذود عنه ونشره بالمنهج الشمولي الوسطي الرباني
ولما يقرب قرنا من الزمن، ولعل ابرز ما يميز هذه الجماعات عن غيرها هو انها اختارت
طريق التنظيم والترتيب والهيكلية وسيلة من وسائل القوة والنضوج للوصول الى التمكين
لدين الله في ارضه، وهذا التنظيم كان ولا يزال امرا مقلقا لكل عدو متربص بالاسلام
واهله فهو كالماء النقي الذي يتخلل البناء والادغال منتشرا ومخترقا اشواكها وتراصف
بنائها واغصانها ليقيم اعظم منظومات الاسلام ،وفي اقسى البلدان واشدها عداوة
ولذلك امتلكت تلك الجماعات من القوة مالم تمتلكه الفرق الاخرى رغم قلة الدعم
ورغم المحاربة والتنكيل.
وهنا ساقف على ملاحظات قد تصنّف على أنها إخفاقات والاخفاقات في جزئية هيكلة
تلك الجماعات والتي اثرت على مسيرتها ومواقفها واحدثت ردة فعل عند البعض سواء
من داخل هذه الجماعات او من خارجها ادت الى هلهلة الصفوف وخلخلة البناء من
الداخل وشوهت الصورة المشرقة الوضاءة من الخارج، ولا شك ان النواة الاساس لتلك
الجماعات هو نظام الشورى والذي تخرج منه القيادة وتتفرع عنه المؤسسات، وقوة
وضعف مجلس الشورى سينعكس سلبا او ايجابا على اداء هذه الجماعات وهنا حقيقة
لابد ان نسلم بها اولا وهو ان الخلل مشترك بين راس الهرم وقاعدته بين من يقاد ومن
يقود ويتحمله الجميع فضعف الشورى هو نتيجة لضعف افراده وضعف افراده هو نتيجة
لضعف الاختيار وضعف الاختيار سببه المنهجية والتربية وضعف الاخير سببه ضعفالقائد والمربي والموجه اذن الاخفاق يشترك به كل افراد هذه الجماعات ومن غير
استثناء وهذا يدعونا الى مراجعة كاملة وشاملة من غير حياء او مجاملات ولكل الافراد
والآليات والاساليب ويتطلب منا مصارحات ومصالحات واضحة من غير دمدمات او
اشارات.
واول ما نحتاجه هو اصلاح ما بيننا وبين الله تعالى وان يعلم كل فرد من افراد هذه
الجماعات الى انه قد يكون هو السبب في تأخر النصر والتمكين للامة ، كذلك الفرد
من بني اسرائيل الذي كانت معصيته سببا في تاخر الغيث على السبعين الف الذين
خرجوا مع موسى عليه السلام.
اننا نحتاج الى مصارحة حقيقية في حجم تلك الجماعات افرادا ومؤسسات وامكانيات
مادية ومعنوية ومن غير مبالغات او مزايدات فالمبالغات تكون على العدو وليس بين افراد
الصف الداخلي فاذا عرفت حقيقة حجمك ومتانة بنائك ستعرف كيف ومتى ومن اين
تبدأ ونحتاج الى عودة حقيقية للاخوة الصادقة والتي شابها ما شابها ولم تعد كما كانت
وان نتخلص من المنافسات والمجادلات وازالة كل ما علق بنا من ادران الدنيا (منكم
من يريد الدنيا ومنكم من يريد الاخرة) ونحتاج الى عودة لشورى منضبطة بضوابط
الشرع يلتزم فيها القائد بثباته ويلتزم فيها المقود بطاعته وبعد كل هذا لابد لافراد تلك
الجماعات ان تبحث عن الحلول الواقعية والعملية ويتعاهدوا في اصلاحها بجد وعزيمة

وبخطوات مدروسة ورصينة.

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا