خطة ٣--٣--٣



  د.أحمد رشدي الدركزلي 
 مدير مؤسسة بيت الخبرة العراقية

لقد كان الشرق الاوسط و مازال في دائرة الضوء ، ربما بسبب أزماته المستمرة أو لانه مكان محبب للعبة السياسية الدولية ونتاجاتها و التي يسيل لها لعاب مفكري و مخططي السياسات في العالم المتحضر . بعد إحتلال العراق في عام ٢٠٠٣ بدأنا نسمع و بشكل مضطرد ماسمي انذاك ب " الفوضى الخلاقة" وكيف أن الولايات المتحدة الامريكية ستنشر الفوضى في كل الشرق الاوسط لتتلقف المتغيرات الكثيرة التي تخرج منها مما يساعدها في تشكيل "الشرق الاوسط الجديد" و الكل أعتبر أمريكا السيد الاول في العالم  و يجب الاستسلام و الخضوع لنظريتها .
و حدث المستحيل ، فضربات المقاومة العراقية طيلة ال٩ سنوات من الاحتلال جعلت العالم يرى جندي المارينز الامريكي الشهير بشرا يموت برصاصة عادية و تفجر دبابته وناقلته بقنابل أصبحت تصنع يدويا في معامل صغيرة في أحدى سراديب بيوت بغداد القديمة بل في كل مدن المثلث السني او مثلث الموت كما سمي في وقتها .
ومن خلال درس العراق تعلمت دول العالم حتى من هي حليفة للولايات المتحدة الامريكية أن تقول "لا ...لأمريكا" او على الاقل تجادلها في فرضياتها و نظريتها بل و تعمل على تحوير الياتها بما يناسب مصالح تلك الدول و ليست امريكا اولا و ثانيا و ثالثا ومن ثم مصلحة الحليف او القريب لها، ومن هنا بدأ أحساس الولايات المتحدة أن نظرية الفوضى الخلاقة أصبحت تاتي بمتغيرات كثيرة صغيرة كانت أم كبيرة و التي يفوق قدرتها فقامت دول المنطقة (عدا الدول العربية) باستغلال تلك المتغيرات بشكل بشع مرة و  مرن مرة أخرى وأقصد هنا جمهورية إيران الاسلامية و تركيا .
ولأن الولايات المتحدة قوة العالم الاولى لن تسمح بتسلط قوة دونها لذا لجئت بعد ظهور أزمات الربيع العربي الى خطة جديدة ممكن ان نطلق عليها "٣-٣-٣" و فكرتها ان يكون لديك ٣ محاور تدير من خلالها الازمة في منطقة ما كالشرق الاوسط ، ففي العراق هناك داعش و الحشد و حكومة العبادي و في كردستان العراق هناك داعش و الحكومة الكردية برئاسة البرزاني و الاتحاد الوطني الكردستاني وفي سوريا هناك النظام و المعارضة و داعش و في مصر هناك النظام و داعش في سيناء والمعارضة المتمثلة بالاخوان المسلمين و الحال نفسه في ليبيا بل انتقلت العدوى الى افغانستان فهنالك الان طالبان و داعش و الحكومة الافغانية . واستهوت الخطة الجميع فهي تدر مالا وسلاحا و طريقة جديدة لبسط النفوذ و السيطرة في المنطقة  .
الغريب ان الدول العربية بقيادة العربية السعودية لم تتنبه للخطة الجديدة الا قريبا فالتحالف العربي في اليمن بقيادتها أدخل ما اسماه المقاومة الشعبية كلاعب بجوار النظام وضد مليشيا الحوثيين مما أدهش ايران  من جهة و أسعد تركيا من جهة اخرى كون الاخيرة تدير أزمة سوريا بأستخدام هذه الخطة بل قامت بتطوريها من خلال محاولة القضاء على العدو القديم الجديد "حزب العمال الكردستاني".
لكن يبقى السؤال المطروح لدول التحالف العربي : أي الثلاثيات التي يجب أن يكون لها الاولوية في إدارة ملفاتها ؟ وكيف يمكن تحديد هذه الاولوية ؟ هل بإعتماد الجغرافية أو التأريخ أو هيمنة ثلاثية على أخواتها الاخريات ؟ بأعتقادي الاجابة عن هذه التساؤلات وغيرها سيحدد رؤية لمشروع عربي واعد في المنطقة وقد تكون ثلاثية العراق هي البداية الصحيحة كما كانت البداية في ٢٠٠٣ لدخول المنطقة نفقا مظلما أوله الفوضى و أخره عذابات التقسيم .

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا