اليأس الدعوي


حازم الحسني
باحث


ان منَّ أراد أن ينبري للعمل الدعوي و أراد تفسيرا للحوادث فعليه أن ينظر إلى الحياة
كما نظر إليها الأنبياء نظرة باحث عن مكامن الجمال فيسبر الأسرار في مكامن الفوضى
فيضع الحلول
إن ما يحصل الآن من بعض الدعاة من خلال تفسيرهم المادي المجرد للحوادث
متعلقين بالأسباب مُفْرِطين بها مغالين في حسابها، محتجين بحسابات الخبرة أو التوقع
المفرط للأحداث، وأنهم يعملون بالأسباب، خطا بين
فوصل الحد عند هؤلاء الى التسليم المطلق للماديات وحساباتها لحدود تركهم للعمل
الدعوي واعتمادهم على غيرهم من الناس للتصدر للعمل الدعوي، فهل نسوا ذلك أم
ماذا، لقد انتقل بهم أمر التسليم بالماديات الى حد الاستسلام واليأس والقنوط.
فمن قائل يقول ، ربما لو رجعت الى بلدي أو عملي فمن الممكن وجائز بل شبه
متأكد اني سيصيبني بعض الضرر ، فأين مكان القدر في عقيدتك؟ أتهرب وتترك مهمتك
في مجال الدعوة والإصلاح بهذه العبارات الظنية الكثيرة التي لطالما سمعنها من هذا
الشيخ أو هذا الداعية أو هذا المتدين ...
ولعلك تقول انا من أرباب الدعوة وأنا صاحب ثروة علمية وأخاف على الدعوة ...
بالله عليك أين تخاف عليها أيها الصادق؟ في مصر أم سوريا أم الإمارات أم هناك عند
النصارى في المانيا والسويد !ولعل البعض تسرب اليه قول عامة الناس في الخوف على ماله وولده الذي لم يبلغ وان
له زوجة شابة ونسي قول المصطفى عليه السلام فيما رواه مُحَمَّدِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ
خَلَفٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حُسَيْنًا فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ
أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: " إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ، مَجْبَنَةٌ ، مَجْهَلَةٌ ، مَحْزَنَةٌ ".
حتى لو كنت صادقا في الدعوة الم تعلم أن هناك أولويات في فقه الدعوة وأن بينها
تدافع كالسنن، ومن أولوياتها الاستمرار ولو بالحضور القليل لا الانقطاع بالاختباء، الم
تقرأ من كتب السير انه كلما اقترب الطغاة من تحقيق أحلامهم وتيقنوا بانقُضاء الدعوة
وأربابها من حملة الإيمان الثابتين في أرض ما، فانهم سرعان ما يفاجؤن باستمرار
الدعوة أكبر مما كانت عله وهم احياء فذكرياتهم الإيمانية ورسوخهم المبدئي، تبقى
منارة إشعاع للأجيال، ومدرسة تتربى عليها الناشئة، وكل القراء والمتأملين..كما قال
القائل :
وكلُّ دمٍ يجري سينبت ثورةً كما ينبتُ العشبَ الغيوثُ السوافحُ
إن الناس لا يزالون يتذكرون سير أرباب الثبات أرباب الرباط القلبي فيحنون إلى
ذكراهم، ويتأسون بأخبارهم وقصصهم، ويروونها للأجيال بكل فخر واعتزاز، بل ان الله
يخبرنا عنهم في قصص من القرءان الجميل من منا لم يتمنى انه من اصحاب الكهف
ومن منا لم يتمن ان يكون هو فتى التوحيد في أهل الأخدود, و من نسي رجال قضوا
نحبهم أمثال الصديق والفاروق وعثمان وعلي، رضى الله عنهم وسعيد بن جبير وابن
المسيب والأوزاعي والزهري وابن حنبل والبخاري والعز بن عبد السلام، والمنذر
البلوطي، وابن تيمية وابن القيم وابن رجب، والبنا وسيد قطب رحم الله الجميع،
وأسكنهم فسيح جناته.

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا