رؤية... في مواجهة الإلحاد



د. مثنى الزيدي
كاتب وباحث


موجة إلحاد معاصرة، بدأت تدبُّ في أوساط محددةٍ، تحديداً التي تحوَّل حالها بالقوة وليس بالاختيار، كالنازحين، والمهاجرين، ثم ما لبثوا أن وجدوا أن الحال تغير الى انفتاح في المجتمع الجديد بعد انغلاق كانوا لا يحسون به في مجتمعاتهم المنتظرة.
مجتمع المحافظات السنية مجتمع محافظ، إلا أن الاختبار الفاصل للمجتمع المحافظ هو: هل كانت هذه "المحافظة الدينية" حقيقية اختيارية، أم عرفية اجبارية عشائرية؟
يكون الاختبار هذا بعد تعريض هذا المجتمع لرياح حتى لو كانت هادئة، ستتضح الحقيقة، ولقد اتضحت فكانت المأساة، المأساة التي نحتاجها لنعرف حقيقة حالنا.
بدأ مشروع التجرد من ثوب "العرف والقيم" القديم بزمنه، الطويل بمقاسه، سريعاً جداً في عشرات الالاف، ولم يدع أحدا من الغالبية العظمى، إلا ما رحم ربي من القلة القليلة، كل بحسبه، وعلى مقدار علمه وإيمانه وظرف معيشته وبيئته.

أغلبنا قرأ السيرة النبوية المطهرة، ودرسَها، ودرَّسها، ونعلم جيداً أن:
مفاصلة بدر اختبار.
ويوم حنين اختبار.
حتى أحد، والخندق، الأحزاب، اختبار.
ومأساة فلسطين اليوم اختبار.
وأحداث بورما اختبار.
وتنعُّم الخليج اختبار.
ونزوح اهل السنة اليوم أيضاً هو اختبار.
وتلك الايام نداولها بين الناس، فإما اختبار شبيه ببدر وحنين ونصرهما، وإما اختبار شبيه بأُحد والخندق ومأساتهما.
والذي حصل (المشاهد بالعين ميداناً، أو اعلاماً) ملصوقة أفعاله بالاسلام.
والعقل السني لم يتعلم على النظر في اسباب الامور المشاهَدة، وحيثياتها، ودوافعها، فهو سريع التأثر بما يشاهد فقط، فهو بصري، ليس سمعياً، ولا عقلياً، وهذه نتيجة لمشاكله الكثيرة، وعدم اعتباره بأي ماضٍ، ولا تخطيطه لأي مستقبل.
فلم تنعم المؤسسة السنية في كل البلدان بخطة ستراتيجية تعتمد على اعتبار الماضي ، أو استشراف المستقبل، فكل مواقفه كانت مكونة من ردات الفعل، أو اجتهادات شخصية ناجحة، لكن نجاحها محدود، حتى في المسائل الشرعية والعلمية، اضافة للسياسية والاقتصادية والاممية.
فماذا حصل؟
استثمر الالحاد هذا الواقع الجغرافي، والعقلي فنشر بذوره وسقاها ببعض ما يحتاجه الناس في حياتهم، فنبتت أزهار له، وأشواك لنا.
فمن في مواجهته؟ أي مؤسسة ستواجهه؟ وأي شخص ؟
اين مشروع التكوين العقلي في مؤسساتنا التي تغوص في فتنة اليوم، ومعنى فتنة اليوم، واجباتها اليومية التي تعطيها جلَّ الوقت، والغفلة عن جوانب التخطيط للتكوين العلمي والعقلي والشخصي.
فاليوم يفتقر العراق لمتخصصين في المناظرة، وأُسس الالحاد أو الشبهات أو التشكيك، والعلوم العقلية التي تنفع تلك التخصصات، إلا ما ندر ممن أسسوا هذا بصورة فردية لا يعملون مع المؤسسة.
ويفتقر العراق لمتخصصين في مجال دعوة غير المسلمين أيضاً.
ويفتقر الى متخصصين في حفظ الاصول لدعوة المسلمين الى الالتزام.
ويكثر المتخصصون في الوعظ في العراق واغلبهم:
خطباء، وأصل دراسته ليست شرعية، وأمتلك احصائية كاملة تثبت ان خطباء العاصمة بغداد 65%، ليسوا متخصصون في الشريعة، وأن 85% منهم لا يتقنون علوم النحو والصرف والميراث، وأن 55% منهم لا يحسنون قراءة القرآن بإتقان وإحكام، أما الحفظ فلا تصل نسبته الى 22% كما تبين الاحصائية.
وأن الذي يرتقي منابر بغداد اليوم اغلبهم لا يتسحق ذلك وهذه مصيبة كبرى.
فبمَ سنواجه الالحاد ونصده؟ بنشر الشبه وسبها وشتمها؟ أم بالتغافل عنها؟
على مؤسساتنا الشرعية ان تعتني بالتكوين أولاً، وبالإعلام ثانياً، أن توضع الخطط، ويتخصص الرجال، ويحدد الزمن، ويسخر الاعلام، ويكون لهم من الفن فيه نصيب.
34% نسبة الالحاد في العراق، عدا نسبة عدم الالتزام الحقيقي بتعاليم الاسلام، واتباع ارشادات العلماء، فهذه مسألة ثانية.
مقترحات في مواجهة الالحاد:
-       أن تتبنى مؤسسة اسلامية حقيقية كالمجمع الفقهي العراقي، أو مجلس علماء العراق، عدداً من الشباب ممن تخرجوا حديثاً وتفريغهم للتخصص بهذا العلم، مواجهة الالحاد والشبه، والتشكيك، تحددهم بخطة زمنية متدرجة.
-       تجديد الخطاب ليتضمن أموراً باتت ضرورية، نفتقدها في خطابنا اليوم مع الاسف، مثل:
1-تقوية الشعور بالاستعلاء الايماني والديني؛ الذي يحمله المسلم المخاطَب.
2-التركيز على وسائل تقوية الايمان الحقيقي، والالتزام الراسخ، لا المظاهر فقط، فإن الايمان اليوم متزعزع.
3-الحجر على الضعفاء في العلم والثقافة أن يتسنموا مناصب الخطابة والدعوة، أو المناظرة والحوار، لانهم من اسباب انتشار الالحاد فيما يطرحون من مسائل لم يعوا حقيقتها، ونسبتهم اليوم كبيرة.
4-             التركيز على الجوانب الاعلامية المؤثرة، وعرضها بأساليب جديدة في الاخراج، واستخدام ابرز ما وصل اليه الاخراج المرئي.
5-             استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتفنيد الشبهات الالحادية عبرها، وتجفيف منابع ومظان انتشارها.

هذه افكار كتبتها على عجل عسى الله تعالى ان يهيأ من يسعى لتطبيقها انه الموفق المنان.

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

1 التعليقات:

التعليقات
6 أغسطس 2016 في 1:38 م حذف

صدقت نحتاج الى رقابة في مجال التعليم الديني فجميع الصناعات اذا خربت ممكن تصليحها الا العقول

رد
avatar